أضرار الترف على الفرد والمجتمع

كتابة: JASMEEN HASSAN - آخر تحديث: 16 فبراير 2024
أضرار الترف على الفرد والمجتمع

أضرار الترف على الفرد والمجتمع للترف أضرار جسيمة وعواقب وخيمة طبقت الأرض مغربًا لمشرق ومشرقًا لمغرب وتعدى ضررها الإنسان إلى الحيوان والجماد ومن هذه الأضرار ما ورد بيانه والتحذير منه في كتاب ربنا عز وجل أو في سنة نبيه صلى الله عليه وسلم صراحة

أضرار الترف على الفرد والمجتمع

للترف أضرار جسيمة وعواقب وخيمة طبقت الأرض مغربًا لمشرق ومشرقًا لمغرب وتعدى ضررها الإنسان إلى الحيوان والجماد، ومن هذه الأضرار ما ورد بيانه والتحذير منه في كتاب ربنا عز وجل أو في سنة نبيه صلى الله عليه وسلم صراحة، ومنها ما جاءت الإشارة إليه في الكتاب والسنة أو كليهما، ومنها ما عرفه الناس من خلال التجارب المتكررة حتى أصبحت كالقاعدة المؤكدة والسنة الثابتة، ومنها ما لاحظه العلماء والمصلحون من خلال المشاهدة والاعتبار بما جرى في المجتمعات وتاريخ الأمم الغابرة ومن خلال سبر الأدلة الحسية والعقلية والشرعية.

وفيما يلي بعض أضرار الترف التي جمعتها من أقوال العلماء والمصلحين الاجتماعيين حسب ما تيسر لي الاطلاع عليه:

1- المسارعة في تكذيب الرسل ورد دعوتهم:

من عادة المترفين لما يفعله فيهم الترف من بطر النعمة وانغماس في الملذات والشهوات أنهم يسارعون قبل غيرهم في تكذيب رسل الله ورد الحق الذي جاؤوا به استدلالاً باطلاً بما هم عليه من كثرة المال والأولاد وسعة الجاه والسلطان وكثرة الأتباع وعلو منزلتهم عند الناس قال تعالى: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ * وَقَالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوَالًا وَأَوْلَادًا وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ * قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [سبأ: 34 – 36] فهذه الآيات الكريمة تبين عادة مطردة للمترفين في موقفهم من رسل الله وهي تكذيبهم لهم ورد ما جاؤوا به من ربهم تعالى، فلم يبعث الله رسولاً في قرية إلا كذبه مترفوها وهم أولو الحشمة والنعمة والثروة والرياسة [1].

ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

المترفون لايهتمون إلا بملاذ الدنيا وشهواتها وجمع المال لذلك، ولا يهمهم ما يكون في الناس من منكرات فهي لاتقلقهم ولاينهون عنها لأن انشغالهم واهتمامهم بما يجلب لهم الملذات فقط ولو كان ذلك على حساب الآخرة ونعيمها قال تعالى ﴿ فَلَوْلَا كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُو بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّنْ أَنْجَيْنَا مِنْهُمْ وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَا أُتْرِفُوا فِيهِ وَكَانُوا مُجْرِمِينَ ﴾ [هود: 116].

وقوله تعالى: ﴿ وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَا أُتْرِفُوا فِيهِ ﴾ [هود: 116] أراد بالذين ظلموا: تاركي النهي عن المنكرات أي لم يهتموا بما هو ركن عظيم من أركان الدين وهو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإنما اهتموا بالتنعم والترف والانغماس في الشهوات والتطلع إلى الرياسة والسعي لها وجمع الثروة وطلب أسباب العيش الهنئ، ورفضوا ما وراء ذلك مما ينفعهم في الآخرة ونبذوه وراء ظهرهم[[2].

وجود بعض المترفين

وجود بعض المترفين سبب في تكاثرهم وزيادتهم في المجتمع:

من أخطر أضرار الترف أن المترفين إذا كانوا في مجتمع انتقلت أمراضهم فيما بين أفراد المجتمع فلا يزالون في زيادة بسبب العدوى إذا لم يكن هنالك من يوقف انتشار الترف من خلال الدعوة إلى الله وإنكار المنكرات، فالترف كالخلايا السرطانية في سرعة الانتشار إن لم يكن هنالك مناعة في جسم المجتمع من الدعوة إلى الخير وايقاف المنكرات حتى لاتنتشر بين الناس وقد ورد هذا المعنى في آية الإسراء حين قال عز من قائل: ﴿ وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا ﴾ فعلى قراءة [أمّرنا] بالتشديد فإنها تعني أكثرنا عددهم كما ورد ذلك عن ابن عباس وغيره، وقد سبق هذا في تفسير الآية فراجعه.

المترفين سبب الهلاك

قال تعالى: ﴿ وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا ﴾ [الإسراء: 16] وجاء في تفسيرها: وإذا دنا وقت هلاكها أمرنا بالطاعة مترفيها أي متنعميها وجباريها وملوكها ففسقوا فيها فحق عليها القول فأهلكناها وإنما خص الله تعالى المترفين بالذكر مع توجه الأمر بالطاعة إلى الجميع لأنهم أئمة الفسق ورؤساء الضلال، وما وقع من سواهم إنما وقع بإتباعهم وإغوائهم، فكان توجه الأمر إليهم آكد [3].

الترف سبب في ردّ السنة

وهذا فرع عن [رد الحق وتكذيبه]، والناظر لأحوال المترفين يرى منهم بُغضةً لبعض السنن إذ يرونها ثقيلة عليهم وهم لايحبون متابعة سنة النبي صلى الله عليه وسلم لأنها تمنعهم من كثير مما يشتهونه لما ورد فيها من تفصيل للمحرمات وبيان للقرآن وتفصيلاً لأمور يحبون ألا تذاع من السنة المطهرة لأنها تُضيق عليهم الكثير مما وسعوه على أنفسهم:

فعن المقدام بن معد يكرب الكندي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (ألا إني أوتيت الكتاب ومثله معه، ألا يوشك رجل شبعان على أريكته يقول: عليكم بهذا القرآن فما وجدتم فيه من حلال فأحلوه، وما وجدتم فيه من حرام فحرموه) رواه أبو داود وأحمد وصححه الألباني.

 

والشاهد في الحديث أن هذا الرجل متكئ ممتلئ بطنه لم يحترم حديث النبي صلى الله عليه وسلم ولم يوقره وإنما ردّه بكل صفاقة، ولم أمرّ بهذا الحديث إلا وتخيلت حال المترفين وأخلاقهم التي ورد منها في الحديث (الشبع والاتكاء على الأريكة) والله أعلم.

الترف سبب الزيغ بعد الهدى

عن عوف بن مالك أنه قال: (إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام في أصحابه فقال: الفقر تخافون، أو العوز، أو تهمكم الدنيا ؟ فإن الله فاتح لكم أرض فارس والروم وتصب عليكم الدنيا صباً حتى لا يزيغكم بعدي إن أزاغكم إلا هي) رواه أحمد وصححه الألباني.

فأنت ترى أن النبي صلى الله عليه وسلم يكاد يحصر سبب الزيغ في انفتاح الدنيا وكثرة الأموال، وقد مرّ أنه صلى الله عليه وسلم كان يخشى على أمته أن تبسط لهم الدنيا فيتسبب ذلك في إلهائهم عن دينهم لانشغالهم بالشهوات والتوسع في الملذات مما يؤدي إلى صرفهم عن غايتهم التي خُلقوا لأجلها وهي العبادة.

وأعظم الخطر في ذلك أن تتوغل الدنيا في قلوبهم فتصرفهم عن محبة لقاء ربهم، قال بشر بن الـحارث:(ليس أحد يُحب الدنيا إلا لم يحب الموت،ومن زهد فيها أحب لقاء مولاه)[4].

الترف سبب للتراخي وتتبع شواذ الآراء

وهذا متعلق بالضرر الذي قبله إذ أن الترف إذا تمكن من العبد الصالح وفتحت عليه الدنيا قد يؤثر على سلوكه فيبدأ في التخفف من تدينه شيئاً فشيئاً حتى لا يبقى له من تدينه سوى الاسم دون المعنى ويلاحظ على من فعل ذلك استجابة لنوازع الهوى مايلي:

التراخي في استقامته على دينه وانتقاله من حال التقوى والحفاظ على إيمانه إلى حالة التوسع في المباحات وإتباع النفس هواها والاغترار بالعرض الزائل، وهو لعمر الحق بلاءٌ وامتحان لايصبر عليه إلا أشداء الرجال.

التلاعب بأحكام الدين فتجد هؤلاء المترفين يعللون إتباعهم للشهوات بأحكام شاذة وأقوال مخالفة لما أُثر عن الأئمة الصالحين والعلماء الناصحين، فتجدهم يتركون الثقات من المفتين وما قالوا به ليستشهدوا بآراء شاذة مدونة في موسوعات فقيهة- من باب النقل وعرض ما قيل في المسألة الفلانية- فيأخذونها على أنها من الأقوال القوية لأهل العلم ثم لايزالون ينفخون فيها ويصدرونها للناس من خلال استغلالهم لوسائل الإعلام-وبخاصة الفضائية- التي تروج لكل ما هو شاذ من الآراء والأقوال وغرضهم من ذلك أن تنتشر هذه الآراء التي ترخص لهم ترفهم وشذوذهم عن الحق، وهكذا أهل الباطل دائماً يريدون أن ينشروا باطلهم حتى لايعيرهم أحد بانحرافاتهم، وقد نُقل عن عثمان بن عفان رضي الله عنه أنه قال:(ودت الزانية لو يزنين النساء جميعاً).

إن هذا العمل خطير جداً حيث ينقل المرء من دائرة الإيمان إلى دائرة الفسق وربما إلى الكفر إذا كان في ترخصه ذلك استحلال لما ثبت تحريمه بنص أو إجماع، ومن كان هذا العمل أي الترخص في المباحات واتباع الشهوات ديدنه فإنه يُخشى عليه الهلكة لأن من وضع قدمه على أول الطريق وصل آخره لا محالة وقد قيل: (من تتبع الرخص تزندق).

الترف سبب الفساد الخلقي

الترف سبب الفساد الخلقي وداعية للزنا والفجور:

يعدّ الترف من أهم أسباب تبلد الإحساس فلا يعود المترفون ينكرون منكراً ولا يعرفون معروفاً، ولهذا تنتشر المفاسد الخلقية وتظهر دواعي الخنا والفجور بغرض إشباع الشهوات وحين يجاهر الفسقة بفجورهم، حيث لايوجد من يُقوّم انحرافاتهم فتستشري في المجتمع الأمراض الخُلقية عن طريق العدوى والتقليد والمحاكاة ومخالطة الفساق، حتى يصبح المنكر والفساد بمنزلة المعروف الذي يتعارف عليه الناس ويشيع في أوساطهم دون نكير، وإذا أردت التثبت من هذا فاقرأ سورة يوسف وانظر كيف كان المجتمع في ذلك الوقت يستسيغ الزنا والفجور حيث لم تنكر النسوة على امرأة العزيز فجورها، وإنما كان قصدهن المكر بها غيرةً منها، كما أن زوجها أيضاً لم يغضب لحرمته، ولا لفعلها حين قال لها ﴿ وَاسْتَغْفِرِي لِذَنْبِكِ ﴾ [يوسف: 29] فهو يعلم أنها مذنبة ولكنه لم يغر عليها، وحتى يوسف عليه السلام المتهم لم يُخرجه من بيته وإنما كان قصاراه أن يقول له ﴿ يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا ﴾ [يوسف: 29] وهذا كل ما هنالك !!

وهذه الصورة تصدق على كل مجتمع مشابه من مجتمعات المترفين وهي كالقاعدة العامة في كل زمان [5

الترف داعية للطغيان والتكبر

فكلما زاد ثراء المرء وماله كان ذلك مظنة لطغيانه لاسيما إذا تترف فيما أتاه الله عز وجل، قال تعالى: ﴿ كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى * أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى ﴾ [العلق: 6 – 7] فيأخذ هذا المسكين يَعُبُّ في شهواته ويتوسع في ملذاته حتى ينسى ما خلق له، قال ابن كثير عند تفسير الآيتين: (يُخبر تعالى عن الإنسان أنه ذو فرح وأشر وبطر وطغيان إذا رأى نفسه قد استغنى وكثر ماله…).

وعن يزيد بن أيهم عن الهيثم بن مالك الطائي: (سمعت النعمان بن بشير يقول على المنبر: إن للشيطان مصالي وفخوخاً، وإن من مصالي الشيطان وفخوخه، البطر بأنعم الله، والفخر بعطاء الله، والكبر على عباد الله، واتباع الهوى في غير ذات الله)[6]. قال في النهاية: (المصالي: شبيهة بالشَّرَكِ واحدتها مصلاة).

ومن هذا تعلم كيف ينفخ الشيطان في قلب ابن آدم حتى يتكبر ويتجبر على الخلق إذا استغنى، وهذا أمر معلوم عند العرب لاسيما عند الخصب وكثرة الأموال، وقد سُئل أعرابي عن أرضه التي قدم منها فقيل له: ما وراءك ؟قال:(خَلّفتُ أرضاً تظالم معزاها)[7]. يقول سمنت وأشرت فتظالمت. وقال غيره: (الخصب يدعو إلى طلب الطوائل، وغزو الجيران، وإلى أن يأكل القوي من هو أضعف منه). وهذا من أخلاق المترفين المشاهدة حيث يظلمون الناس دون مبالاة ولا احترام لمشاعرهم ولا عطف على ضعفائهم فتجدهم يحقرون غيرهم من بني آدم ممن لا يختلفون عنهم بشيء إلا قلة ذات اليد، وربما كره أحدهم الآخرين وتطاول على الله عز وجل وأساء الأدب معه تعالى حين يتفوه بالتسخط[8] على خلق الله عز وجل وتقديره، حين يُضطر للتعامل مع هؤلاء الضعفاء أو يظهر سخطه عند مجرد رؤيتهم.

المترفون في نهمهم لا يشبعون

من طبيعة الإنسان أنه لا يملّ من الزيادة في الخير وكلما ازداد ماله ازداد أمله وطمع في الزيادة، والمترف يزيد في ذلك ليشبع شهوته فلا يبالي من أين اكتسب المال وإنما همُّهُ أن يتوسع في شهواته فلذلك يسعى لجمع المال من كل طريق.

وفي صحيح البخاري من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لو أن لابن آدم وادياً من ذهب أحبّ أن يكون له واديان، ولن يملأ فاه إلا التراب ويتوب الله على من تاب)

وأعظم الخطر في ذلك على الإنسان والمجتمع إذا كانت هذه الزيادة داعية إلى الترف والفجور وترك فرائض الله عز وجل ولعله لهذا السبب خشي علينا النبي صلى الله عليه وسلم الغنى كما ثبت عنه (والله ما الفقر أخشى عليكم ولكن أخشى عليكم أن تبسط عليكم الدنيا كما بسطت على من كان قبلكم فتنافسوها كما تنافسوها وتلهيكم كما ألهتهم) رواه البخاري.

فلا يزال الإنسان في طلب الزيادة في الدنيا والمنافسة فيها حتى تلهيه عن غايته التي خلق من أجلها.

ثم (هل من جديد؟):

المترف إذا نال شهوة وتعاطاها ملّها – والإنسان ملول بطبعه – فإذا به يبحث عما يحبب إليه شهوته، ويشوقه لها مرة أخرى[10].

ولك أن تنظر كيف استغلت الشركات التجارية والتجار هذه الحاجة لدى الإنسان فيغيرون في طريقة عرض السلعة وتجديد موديلاتها ليقبل الناس – لا سيما المترفين عليها – واعتبر ذلك في السيارات وموديلاتها والجوالات وأشكالها حتى قامت على هذا شركات متخصصة في فن الدعاية والترويج التجاري.

شيوع الاستهلاكية في المجتمع

نتيجة لما سبق من البحث عن المزيد ثم الإغراق في البحث عن الجديد من الشهوات والمتع يتحول المجتمع من مجتمع منتج يسعى لزيادة إنتاجه وتحسينه إلى مجتمع استهلاكي همه البحث عن الشهوات وإشباع الرغبات دون سعي في تأمين مستلزمات العيش الكريم ونتيجة لهذا يتحول بعض الأفراد إلى كائنات مسعورة همها تحصيل رغباتها وإشباع شهواتها بسرعة وبدون عمل فينتج عن ذلك الكثير من الأمراض الاجتماعية الخطيرة كالفساد الإداري،وشيوع عمليات النصب والاحتيال وتفشي جرائم السرقة وغصب الأموال… إلى آخر تلك السلسلة من الجرائم التي تتعلق بشهوة جمع المال من حله وحرامه دون سعي ولا كدح.

الترف وآثاره على الفرد والمجتمع

الترف في اللغة :الترف النعمة والطعام الطيب . أترفته النعمة أطغته وفلان أصر على البغي .
المترف : المتروك يفعل ما يشاء والمتنعم لا يمنع من تنعمه والجبار واستترف طغى من البحر المحيط الجزء الأول حرف التاء للفيروز آبادي .
الترف في القرآن :
قال تعالى : (واتبع الذين ظلموا ما أترفوا فيه وكانوا مجرمين) آخر آية 116 من سورة هود .
وقال تعالى : (وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها) أول آية 16 من سورة الإسراء .
وقال تعالى : (لا تركضوا وارجعوا إلى ما أترفتم فيه ومساكنكم لعلكم تسألون) آية 13 سورة الأنبياء .
وقال تعالى : (قال الملأ من قومه الذين كفروا وكذبوا بلقاء الآخرة وأترفناهم في الحياة الدنيا) آية 23 سورة المؤمنون .
وقال تعالى : (حتى إذا أخذنا مترفيهم بالعذاب إذا هم يجئرون) آية 64 سورة المؤمنون .
وقال تعالى : (وما أرسلنا في قرية من نذير إلا قال مترفوها إنا بما أرسلتم به كافرون) آية 34 سورة سبأ .
وقال تعالى : (وكذلك ما أرسلنا من قبلك في قرية من نذير إلا قال مترفوها إنا وجدنا آباءنا على أمةٍ وإنا على آثارهم مهتدون) سورة الزخرف .
وقال تعالى : (إنهم كانوا قبل ذلك مترفين) آية 45 سورة الواقعة .
وفي الحديث الشريف قال صلى الله عليه وسلم : “لا أخشى عليكم الفقر وإنما أخشى أن تبسط لكم الدنيا فتتنافسوها فتهلككم كما أهلكم من قبلكم” .
الترف في الشعر والأدب :
قال أحد شعراء الجاهلية يوصي قومه بتقليد القيادة لمن لا يخضع للترف .
فـــقلدوا أمركم لله دركم رحب الذراع بأمر الحرب مضطلعا
لا مترفاً إن رخاء العيش ساعفه ولا إذا عــض مكروه به خشعا
وقال المتنبي في ممدوحة يصفه برفض الترف
شرابه النشح لا للرّي يطلبه وأكله لقوام الجسم لا السمن
وقال أحد الشعراء في وقت الحاضر :
تترف نـهجوه في حياتـهم وسنـةٌ ألفوها بئـست السـننُ
أو أن هذا كما جاءالحديث به من بعد خير القرون يظهر السمن
وضع تسبب في إضعاف أمتنا كلا ولا يرتضيه العاقل الفـطن
ومن تأمل ما تقدم من تعريف الترف في اللغة العربية ومن الآيات البينات ومن الشعر والأدب والحديث الشريف وواقع المسلمين الأوائل وحياتهم من تأمل ذلك واستقرأ حياة الشعوب علم أن الترف مذموم لا يرغب فيه إلا من زُيّنت له الحياة الدنيا وأراد التـنعّم فيها وغفل عن نعيم الآخرة ومن نتائج الترف الوخيمة على الفرد والمجتمع فهو :
1- من مساوئه على الفرد يسبب الأمراض كالنقرس (داء الملوك) كان هذا المرض خاصاً بالملوك المتنعمين وكذلك الضغط والسكري وكانت تسمى أمراض المترفين كالتجار والموسرين
2- بسبب الترهل والكسل عن ما يفيد دنيا وآخره فينشغل المرء بكسب العيش ثم ينشغل بالتفنن في المأكولاته وتنوعها والكماليات ثم ينشغل بمعالجة تلك المأكولات وما ينتج عنها من أمراض بالأدوية ومراجعة المستشفيات .
3- يسبب للأمة الضعف والهوان في الحديث الشريف “إذا رضيتم بالزرع وأخذتم بإذناب البقر سلط الله عليكم ذلاً لا يفارقكم حتى تعودوا لدينكم” .
لقد تيسر للناس حتى الضعفاء في الوقت الحاضر من وسائل الراحة والغذاء والكساء ما لم يتيسر للملوك السابقين . فهل عند الخلفاء الراشدين وخلفاء بني أمية والعباسيين ومن بعدهم من الملوك والأمراء هل عندهم كهرباء وسيارات وجوالات ومكيفات وهذه كلها يملكها من يأخذه الزكاة والصدقة في وقتنا الحاضر .
4- حُرم الناس القناعة فأصبح الفرد لا يرضى بواقعه مهما كان مستواه المعيشي ويطلب الزيادة دائماً كالذي يشرب من ماء البحر في الصيف لا يروى مهما شرب .
– يجره الترف إلى الإسراف والتبذير فهما من لوازم الترف فيدخل في المحذور من حيث يشعر أو لا يشعر .
6- ينشغل المترف بنفسه ومتطلباتها التي لا تنتهي ولا يشعر بإخوانه المؤمنين في البلاد الفقيرة الذين ابتلوا بالفقر كما ابتلي هو بالغنى .
فعلى المؤمن الموفق أن يقف متأملاً لمضار الترف وما يجلبه على الفرد والمجتمع وأن يقتنع بما أعطاه وأن يشكر الله على ما آتاه والشكر بالاعتراف بالقلب والقول باللسان وصرف النعم فيما أمر الله والاقتصاد فيها فهذه أركان الشكر اعتقاد وقول وعمل وفقنا الله لما يحبه ويرضاه

التالي
أجمل أدعية عن الرزق
السابق
أين تقع طبريا