فضل شهر رمضان وليلة القدر

كتابة: Mahmoud MoOoka - آخر تحديث: 16 فبراير 2024
فضل شهر رمضان وليلة القدر

نقدم لكم عبر موقعنا ” لحظات ” فضل شهر رمضان وليلة القدر ” فضل ليلة القدر , فضل الصيام , اهميه و فضل شهر رمضان الكريم .  فضل شهر رمضان وليلة القدر ، فضل قيام رمضان وفضل ليلة القدر ، فضل شهر رمضان كما قال النبي  ” كل ده سنتحدث عنه في هذا المقال ونتمني ان تنال أعجباكم وللمزيد من التعريفات والمعلومات عن شهر رمضان الكريم زورو موقعنا ” لحظات اكبر موقع في الشرق الاوسط وفي العالم العربي “

فضل شهر رمضان الكريم

نقدم لكم في هذه الفقرة ” فضل شهر رمضان الكريم ” ونتمني ان تنال أعجباكم وللمزيد من التعريفات عن شهر رمضان زورو موقعنا ” لحظات ” اكبر موقع في الشرق الاوسط وفي العالم العربي ”

 

فضل شهر رمضان الكريم

 

إنِ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلا هَادِيَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ‏:‏

‏{‏يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ‏}‏

‏{‏يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللَّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا‏}‏

‏{‏يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا‏}‏ أَمَّا بَعْدُ ‏:‏

فَإِنَّ خَيْرَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ وَخَيْرُ الْهُدَى هُدَى مُحَمَّدٍ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ـ وَشَرُّ الأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلالَةٌ ‏[‏ هذه خطبة الحاجة التي كان النبي ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ـ

 

يعلمها أصحابه وهي سنة في كل خطبة وفاتحة أي كتاب خلافا لمن حصرها على خطبة النكاح فقط أو قال أنها تذكر في بعض خطب الجمعة ولا تذكر في كل خطبة ‏!‏‏!‏ وسماحة الشيخ ناصر الدين الألباني رسالة حول هذه الخطبة فراجعها إن شئت ‏.‏

 

* ملحوظة ‏:‏ ترقيم الأحاديث كالتالي ‏:‏ البخاري ترقيم الطبعة السلفية ، ومسلم ترقيم عبدالباقي ، وأبو داود ترقيم محي الدين ، والترمذي ترقيم أحمد شاكر ، والنسائي ترقيم أبو غدة ، وابن ماجه ترقيم الأعظمي ، وموطأ مالك ترقيم علمي وزميلي ‏]‏‏.‏‏.‏ هذه جملة من آداب الصيام وأحكامه أردت بها المذاكرة مع إخواني من طلبة العلم ، وفيها جملة من الآداب والأحكام المتعلقة بالصيام ‏.

‏ وذكرت الآداب من باب التذكير والعظة ، وأما الأحكام فشرطي فيها هو الجمع لكل أحكام الصيام مع بيان الحكم بالدليل مع مرعاة الاختصار في هذا كله ، وسأخرج الأحاديث من مصدر واحد فقط ؛ وسأحرص على الحكم عليها ما أمكن ‏.‏

ويندر أن أطيل في المسائل وقد أذكر المسألة عرضا ضمن غيرها من المسائل ‏.‏ وهذا البحث كنت قد قيدته منذ أربع سنوات تقريبا وما زلت أزيد فيه وأنقص حتى ظهر بهذا الشكل الذي أسأل الله تعالى أن يكون لائقا ‏.‏

 

وإني آمل من كل من وجد خطأ أو ظهر له أني نسيت مسألة أن لا يبخل بها عليّ ونعم الهدية هي ، فإن طالب العلم ما لايزال يبحث المسألة ويتحرى الدليل وفهم وجه الأستدلال منه والذي قد يغيب عنه تارة ويظهر له أخرى ،

 

وكم مسألة تجد أن طالب العلم يقول بها ثم يرجع عنها لظهور معارض أو وقوفه على دليل لم يقف عليه من قبل أو زوال إشكال كان عنده في قول آخر ، وكل هذا من ضعف بني آدم وقلة ما أوتوا من العلم ‏.‏

 

وإني أتقدم بجزيل الشكر والتقدير للأخوين الفاضلين الشيخ عبد الله زقيل على ما أسدى من ملحوظات على البحث والشيخ أسامة بن عطايا بن عثمان الذي خرج حديث القئ فجزاهما الله خير الجزاء ‏.‏

 

تعريف الصيام

 

لغة ‏:‏ الإمساك

شرعا ‏:‏ قال الحافظ ابن حجر ـ رحمه الله ـ ‏:‏ إمساك مخصوص في زمن مخصوص من شيء مخصوص بشرائط مخصوصة ‏.‏

 

وقال العلامة العثيمين ‏:‏ هو التعبد لله سبحانه وتعالى بالإمساك عن الأكل والشرب وسائر المفطرات من طلوع الفجر إلى غروب الشمس‏.‏ ‏[‏الممتع ـ 6/ 310‏]‏‏.‏
قلت ‏:‏ ولفظ التعبد يفرق به بين الممتنع عن الطعام والشراب والجماع فقط بلا نية وبين من نوى ، وهو ضابط جيد‏.‏

 

أدلة وجوب الصيام

 

1‏.‏ من الكتاب قال تعالى ‏:‏ ‏{‏ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ‏}‏‏.‏

 

وقال تعالى ‏:‏ ‏{‏شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ‏}‏

2‏.‏ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏:‏ ‏(‏ بُنِيَ الإِسْلامُ عَلَى خَمْسٍ شَهَادَةِ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ وَالْحَجِّ وَصَوْمِ رَمَضَانَ ‏)‏ ‏[‏متفق عليه أخرجه البخاري كتاب الإيمان باب بني الإسلام على خمس‏]‏‏.‏

 

3‏.‏ الإجماع ‏:‏ أجمعت الأمة على وجوب صيام رمضان على المسلمين وأن من أنكر وجوبه كفر

حكم تارك الصيام ‏:‏

قال الحافظ الذهبي رحمه الله تعالى ‏:‏ وعند المؤمنين مقرر أن من ترك صوم رمضان من غير عذر أنه شرّ من الزاني ومدمن الخمر ، بل يشكّون في إسلامه ، ويظنّون به الزندقة والانحلال ‏.

‏ وقال شيخ الإسلام رحمه الله ‏:‏ إذا أفطر في رمضان مستحلا لذلك وهو عالم بتحريمه استحلالا له وجب قتله ، وإن كان فاسقا عوقب عن فطره في رمضان ‏[‏مراتب الإجماع ـ ابن حزم ـ 70‏]‏‏.‏

 

الحكمة من مشروعية الصيام

 

1‏.‏ أن فيه تضييقا لمجارى الشيطان في بدن الإنسان فيقيه غالبا من الأخلاق الرديئة ويزكي نفسه ‏.‏

2‏.‏ فيه تزهيد في الدنيا وشهواتها وترغيب في الآخرة ‏.‏

3‏.‏ فيه باعث على العطف على المساكين والإحساس بأحوالهم ‏.‏

4‏.‏ فيه تعويد النفس على طاعة الله جل وعلا بترك المحبوب تقربا لله

 

جملة من آداب الصيام

بعض الآداب العامة

 

إن لكل عبادة آدابا وأحكاما ؛ وهذه جملة من آداب الصيام قال رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ ‏:‏ ‏(‏الصِّيَامُ جُنَّةٌ فَلا يَرْفُثْ وَلا يَجْهَلْ وَإِنْ امْرُؤٌ قَاتَلَهُ أَوْ شَاتَمَهُ فَلْيَقُلْ إِنِّي صَائِمٌ ـ مَرَّتَيْنِ ـ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ يَتْرُكُ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ وَشَهْوَتَهُ مِنْ أَجْلِي الصِّيَامُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ وَالْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا‏)‏ ‏[‏متفق عليه أخرجه البخاري كتاب الصوم باب فضل الصوم برقم ‏:‏ 1894‏]‏ ‏.‏

قوله ‏:‏ ‏(‏الصِّيَامُ جُنَّةٌ‏)‏ زاد سعيد بن منصور عن مغيرة بن عبد الرحمن عن أبي الزناد ‏(‏جُنَّةٌ مِنْ النَّارِ‏)‏ وللنسائي من حديث عائشة مثله وله من حديث عثمان بن أبي العاص ‏(‏الصيام جنة كجنة أحدكم من القتال‏)‏ ولأحمد من طريق أبي يونس عن أبي هريرة‏:‏ ‏(‏جنة وحصن حصين من النار‏)‏ وله من حديث أبي عبيدة ابن الجراح ‏(‏الصيام جنة ما لم يخرقها‏)‏ زاد الدارمي ‏(‏بالغيبة‏)‏ وبذلك ترجم له هو وأبو داود ، وقد تبين بهذه الروايات متعلق هذا الستر وأنه من النار ، وبهذا جزم ابن عبد البر ‏.

‏ وأما صاحب ‏(‏النهاية‏)‏ فقال ‏:‏ معنى كونه جنة أي يقي صاحبه ما يؤذيه من الشهوات ‏.

‏ وقال القرطبي ‏:‏ جنة أي سترة ، يعني بحسب مشروعيته ، فينبغي للصائم أن يصونه مما يفسده وينقص ثوابه ، وإليه الإشارة بقوله‏:‏ ‏(‏ فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث إلخ‏)‏ ، ويصح أن يراد أنه ستره بحسب فائدته وهو إضعاف شهوات النفس ، وإليه الإشارة بقوله‏:‏ ‏(‏ يدع شهوته إلخ‏)‏ ، ويصح أن يراد أنه سترة بحسب ما يحصل من الثواب وتضعيف الحسنات ‏.‏

وقال عياض في ‏(‏الإكمال‏)‏ ‏:‏ معناه سترة من الآثام أو من النار أو من جميع ذلك وقال ابن العربي ‏:‏ إنما كان الصوم جنة من النار لأنه إمساك عن الشهوات، والنار محفوفة بالشهوات‏.‏

فالحاصل أنه إذا كف نفسه عن الشهوات في الدنيا كان ذلك ساترا له من النار في الآخرة ‏.‏

وفي زيادة أبي عبيدة بن الجراح إشارة إلى أن الغيبة تضر بالصيام ، وقد حكى عن عائشة ، وبه قال الأوزاعي ‏:‏ إن الغيبة تفطر الصائم وتوجب عليه قضاء ذلك اليوم ‏.‏

وأفرط ابن حزم فقال ‏:‏ يبطله كل معصية من متعمد لها ذاكر لصومه سواء كانت فعلا أو قولا ‏[‏المحلى ـ ابن حزم ـ‏(‏ 4 / 177 ‏)‏‏]‏ ‏.‏، لعموم قوله

‏:‏ ‏(‏فلا يرفث ولا يجهل‏)‏ ولقوله في الحديث الآتي بعد أبواب ‏(‏من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه‏)‏ والجمهور وإن حملوا النهي على التحريم إلا أنهم خصوا الفطر بالأكل والشرب والجماع ‏[‏الفتح ـ‏(‏4 / 595 ‏)‏ ‏]‏‏.‏‏)‏ ‏.

‏ قال النسائي ‏:‏ قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ الصَّوْمُ جُنَّةٌ مَا لَمْ يَخْرِقْهَا ‏[‏النسائي ـ كتاب ‏:‏ الصيام باب ‏:‏ ذِكْرُ الِاخْتِلَافِ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي يَعْقُوبَ فِي حَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ فِي فَضْلِ الصَّائِمِ برقم ‏:‏ 2233 ‏.‏ ترقم أبو غدة‏]‏‏.‏

والرفث ‏:‏ الكلام الفاحش وكذا الجماع ، والجهل ‏:‏ الصياح والسفه ‏.‏

ويكون خلوف فم الصائم أطيب من ريح المسك في الآخرة للحديث الذي أخرجه الإمام أحمد عن أَبَي هُرَيْرَةَ عن رسول الله ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ـ وفيه ‏:‏ ‏(‏ وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ‏)‏قال الإمام العز بن عبد السلام ‏:‏ ـ رحمه الله ـ مثل المجاهد يثعب جرحه دما ؛ اللون لون دم والريح ريح مسك ‏.‏

والصيام اختص به الله تعالى لأن فيه سرية ؛ وأن مداره على القلب و قيل انفرد بمعرفة مقدار ثوابه وبضعف حسناته حيث أن باقي الأعمال الحسنة بعشر إلى سبعمائة ضعف أما الصيام فهو لله تعالى يثيب عليه بغير تقدير ‏.‏

وإن من الأحاديث التي تُرهّب من عمل الذنوب في نهار رمضان قوله ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ـ ‏:‏ ‏(‏ رُبَّ صَائِمٍ لَيْسَ لَهُ مِنْ صِيَامِهِ إِلا الْجُوعُ وَرُبَّ قَائِمٍ لَيْسَ لَهُ مِنْ قِيَامِهِ إِلا السَّهَرُ ‏)‏ وقوله ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ـ‏:‏ ‏(‏مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ ‏)‏ ‏[‏رواه الإمام أحمد والدرمي وابن ماجة واللفظ له في كتاب الصيام ـ باب ما جاء في المباشرة للصائم برقم ‏:‏ 1692‏]‏‏.‏ فمغبون من صام و لم يكتب له شيء من الأجر ‏.‏

 

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏:‏ ‏(‏ مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ‏)‏‏.‏

 

فضل الصيام

 

عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ـ قَالَ ‏:‏ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ ‏:‏ ‏(‏ مَنْ صَامَ يَوْمًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بَعَّدَ اللَّهُ وَجْهَهُ عَنْ النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفًا‏)‏ ‏[‏متفق عليه وأخرجه البخاري في كتاب الصيام الجهاد والسير ـ باب فضل الصوم في سبيل الله ـ برقم ‏:‏ 2840 ‏]‏‏.‏

 

عَنْ عَامِرِ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ‏:‏ ‏(‏ الْغَنِيمَةُ الْبَارِدَةُ الصَّوْمُ فِي الشِّتَاءِ‏)‏ ‏[‏أخرجه افمام احمد والترمذي في كتاب الصوم عن رسول الله ـ باب الصوم في الشتاء ‏.‏

برقم ‏:‏ 797 ‏.‏ قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ مُرْسَلٌ عَامِرُ بْنُ مَسْعُودٍ لَمْ يُدْرِكْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ وَالِدُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَامِرٍ الْقُرَشِيِّ الَّذِي رَوَى عَنْهُ شُعْبَةُ وَالثَّوْرِيُّ ، ترقيم شاكر‏]‏‏.‏

عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏:‏ ‏(‏ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو حَازِمٍ عَنْ سَهْلٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ‏

:‏ ‏(‏ إِنَّ فِي الْجَنَّةِ بَابًا يُقَالُ لَهُ الرَّيَّانُ يَدْخُلُ مِنْهُ الصَّائِمُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لا يَدْخُلُ مِنْهُ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ يُقَالُ أَيْنَ الصَّائِمُونَ فَيَقُومُونَ لا يَدْخُلُ مِنْهُ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ فَإِذَا دَخَلُوا أُغْلِقَ فَلَمْ يَدْخُلْ مِنْهُ أَحَدٌ‏)‏ ‏[‏متفق عليه ـ أخرجه البخاري في كتاب الصيام ـ باب ‏:‏ الريان للصائمين برقم ‏:‏ 1896 ، ترقيم ‏:‏ عبدالباقي‏]‏‏.‏

 

فضل شهر رمضان

عن أبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏:‏ ‏(‏إِذَا دَخَلَ شَهْرُ رَمَضَانَ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ جَهَنَّمَ وَسُلْسِلَتْ الشَّيَاطِينُ‏)‏‏[‏متفق عليه ـ أخرجه البخاري في كتاب الصيام باب هل يقال شهر رمضان ‏.‏‏.‏ برقم ‏:‏1899‏]‏‏.‏
عَن ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ ‏:‏ ‏(‏ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجْوَدَ النَّاسِ وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ وَكَانَ يَلْقَاهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ فَيُدَارِسُهُ الْقُرْآنَ فَلَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجْوَدُ بِالْخَيْرِ مِنْ الرِّيحِ الْمُرْسَلَةِ ‏)‏‏.‏

 

 

متى يبدأ وجوب الصوم

ويبدأ صيام شهر رمضان بدخوله وذلك بشهادة عدل ثقة قوى البصر ويكفى إخباره بذلك لما روي عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ ‏:‏ ‏(‏ تَرَاءَى النَّاسُ الْهِلالَ فَأَخْبَرْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنِّي رَأَيْتُهُ فَصَامَهُ وَأَمَرَ النَّاسَ بِصِيَامِهِ ‏)‏ ‏[‏أخرجه أبو داود والدارمي‏]‏‏.‏
أو بإكمال عدة شهر شعبان ثلاثين يوما لأن الشهر لا يزيد عن ثلاثين لما روي عن ابْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ‏)‏ إِنَّا أُمَّةٌ أُمِّيَّةٌ لا نَكْتُبُ وَلا نَحْسُبُ الشَّهْرُ هَكَذَا وَهَكَذَا يَعْنِي مَرَّةً تِسْعَةً وَعِشْرِينَ وَمَرَّةً ثَلاثِينَ‏)‏

 

ويبدأ صيام كل يوم بطلوع الفجر الصادق و هو أشعة أفقية تخرج من الشمال للجنوب ويزيد نورها ولا يقل ، وإذا دخل الفجر يجب على الصائم الامتناع عن الطعام و الشراب ‏.‏

أما ما يفعله بعضهم من الامتناع قبل عشرة دقائق أو أكثر فإنه بدعة منكرة كما أفتى بذلك سماحة الوالد الشيخ ابن باز والعثيمين ‏.‏ ويستمر إلى دخول وقت صلاة المغرب لقوله ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ـ ‏:‏ ‏(‏ إِذَا أَقْبَلَ اللَّيْلُ مِنْ هَا هُنَا وَأَدْبَرَ النَّهَارُ مِنْ هَا هُنَا وَغَرَبَتْ الشَّمْسُ فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ‏)‏ ‏[‏أخرجه البخاري ـ كتاب الصوم ـ باب متى يحل فطر الصائم‏]‏‏.

 

‏ومن أفطر في أحد أيام رمضان قبل دخول وقت المغرب بغير عذر فقد أتى كبيرة عظيمة ، قال النبي صلى الله عليه وسلم في الرؤيا التي رآها ‏:‏ ‏(‏ حتى إذا كنت في سواء الجبل إذا بأصوات شديدة ، قلت ‏:‏ ما هذه الأصوات ‏؟‏ قالوا ‏:‏ هذا عواء أهل النار ، ثم انطلق بي ، فإذا أنا بقوم معلقين بعراقيبهم ، مشققة أشداقهم ، تسيل أشداقهم دما ، قال ‏:‏ قلت ‏:‏ من هؤلاء ‏؟‏ قال ‏:‏ الذين يُفطرون قبل تحلّة صومهم‏)‏ أي قبل وقت الإفطار‏[‏صحيح الترغيب 1/420‏]‏‏.‏

 

أهل الصيام

يجب الصيام على كل مسلم عاقل بالغ قادر مقيم ، ولا يجب على الصغير ويصح منه ‏[‏قيده بعض العلماء بالمميز والذي عمره سبع سنين والصحيح أن يصح ولو كان عمره أقل من سبع ما دام يدرك ويفهم الخطاب ،

 

وأقصد بفهم الخطاب أن يقال للطفل ستترك الأكل والشراب حتى يحبك الله الذي أنعم علينا ورزقنا فيفهم هذا والأطفال بالجملة يفهون مثل هذه المعني خاصة من تربوا على هذا‏]‏ ‏.‏وله أجر الصيام على الصحيح ـ ولوالديه أجر التعليم والتربية والحث على الصيام ـ ولا يصح من مجنون ولا شيخ خرف ولو صاماه ، ولا يجوز من حائض ولا نفساء‏.‏

 

من يجوز لهم الفطر وأحكامهم

1‏.‏ المسافر ‏:‏ وهو من فارق البنيان بنية السفر ويجوز له الفطر إذا عزم عزما أكيدا على سفره قال تعالى ‏:‏ ‏{‏يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ‏}‏ والعلة في الفطر السفر وليست المشقة فكل سفر يجوز فيه الفطر ولو كان سفرا مريحا بالطائرة أو بغيرها ‏.‏

 

ومسألة متي يفطر الصائم فيها خلاف والراجح هو ما ذكرنا وهو أنه يبدأ من حيث عزم على السفر للأحاديث والآثار التالية ‏:‏

أولا‏:‏ ما أخرجه الترمذي وغيره عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ أَنَّهُ قَالَ أَتَيْتُ أَنَسَ بْنِ مَالِكٍ فِي رَمَضَانَ وَهُوَ يُرِيدُ سَفَرًا وَقَدْ رُحِلَتْ لَهُ رَاحِلَتُهُ وَلَبِسَ ثِيَابَ السَّفَرِ فَدَعَا بِطَعَامٍ فَأَكَلَ فَقُلْتُ لَهُ سُنَّةٌ قَالَ سُنَّةٌ ‏[‏قول الصحابي من السنة كذا دليل على الرفع مثل أمرنا أو كنا نفعل على عهد رسول الله‏]‏ ‏.‏

ثُمَّ رَكِبَ ‏)‏ ، قال ابن العربي في العارضة ‏:‏ هذا الحديث صحيح ولم يقل به إلا أحمد ‏,‏ أما علماؤنا فمنعوا منه‏,‏ وأما حديث أنس فحديث صحيح يقتضي جواز الفطر مع أهبة السفر لكن بقي الكلام في قوله إنها سنة هل يقتضي أن ذلك مقتضى الشرع والدليل أنه حكم رسول الله ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ـ لاحتماله،

 

والصحيح أنه يقتضى به لأن قول أنس هي سنة يبعد أن يراد به اجتهادي وما اقتضاه نظري فلم يكن بدا من أن يرجع إلى التوقف ‏.‏

ثانيا ‏:‏ ما رواه أبو داود وغيره عن جَعْفَرٌ ابْنُ جَبْرٍ قَالَ ‏:‏ ‏(‏ كُنْتُ مَعَ أَبِي بَصْرَةَ الْغِفَارِيِّ صَاحِبِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفِينَةٍ مِنْ الْفُسْطَاطِ فِي رَمَضَانَ فَرُفِعَ ثُمَّ قُرِّبَ غَدَاهُ قَالَ جَعْفَرٌ فِي حَدِيثِهِ فَلَمْ يُجَاوِزْ الْبُيُوتَ حَتَّى دَعَا بِالسُّفْرَةِ قَالَ اقْتَرِبْ قُلْتُ أَلَسْتَ تَرَى الْبُيُوتَ قَالَ أَبُو بَصْرَةَ أَتَرْغَبُ عَنْ سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ جَعْفَرٌ فِي حَدِيثِهِ فَأَكَلَ‏)‏‏.‏

 

وقال الشوكاني في النيل ‏:‏ وهذان الحديثان يعني حديث أنس وحديث عبيد بن جبر يدلان على أنه يجوز للمسافر أن يفطر قبل خروجه من الموضع الذي أراد السفر منه والحق أن قول الصحابي من السنة ينصرف إلى سنة الرسول صلى الله عليه وسلم ‏,‏ وقد صرح هذان الصحابيان بأن الإفطار للمسافر قبل مجاوزة البيوت من السنة

ثالثا ‏:‏ ما أخرجه أبو داود وغيره عَنْ مَنْصُورٍ الْكَلْبِيِّ‏)‏ أَنَّ دِحْيَةَ بْنَ خَلِيفَةَ ـ رضي الله عنه ـ خَرَجَ مِنْ قَرْيَةٍ مِنْ دِمَشْقَ مَرَّةً إِلَى قَدْرِ قَرْيَةِ عُقْبَةَ مِنْ الْفُسْطَاطِ وَذَلِكَ ثَلاثَةُ أَمْيَالٍ فِي رَمَضَانَ ثُمَّ إِنَّهُ أَفْطَرَ وَأَفْطَرَ مَعَهُ نَاسٌ وَكَرِهَ آخَرُونَ أَنْ يُفْطِرُوا فَلَمَّا رَجَعَ إِلَى قَرْيَتِهِ قَالَ ‏:‏ وَاللَّهِ لَقَدْ رَأَيْتُ الْيَوْمَ أَمْرًا مَا كُنْتُ أَظُنُّ أَنِّي أَرَاهُ إِنَّ قَوْمًا رَغِبُوا عَنْ هَدْيِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ يَقُولُ ذَلِكَ لِلَّذِينَ صَامُوا ثُمَّ قَالَ عِنْدَ ذَلِكَ اللَّهُمَّ اقْبِضْنِي إِلَيْكَ‏)‏

 

قال العلامة المحدث الشيخ ناصر الدين وهو قول ابن عبد البر والقرطبي ـ رحمهم الله ـ ومن خلال هذه الآثار الثلاث يظهر جليا لكل منصف أن الفطر في السفر يكون قبل الخروج من البلد وذلك لمن أراد الفطر ، حيث إن الصحابة الثلاث ذكروا أنه سنة وحكمه الرفع يقينا ‏.‏

فضل قيام رمضان وفضل ليلة القدر

نقدم لكم في هذه الفقرة ” فضل قيام رمضان وفضل ليلة القدر ” ونتمني ان تنال أعجباكم وللمزيد من التعريفات عن شهر رمضان زورو موقعنا ” لحظات ” اكبر موقع في الشرق الاوسط وفي العالم العربي ”

 

فضل قيام الليل

 

قيام الليل سُنَّة مُؤكَّدة، وقربةٌ معظمة في سائر العام، فقد تواتَرت النُّصوص من الكتاب والسنَّة بالحثِّ عليه، والتوجيه إليه، والترغيب فيه، ببيان عظيم شأنه وجزيل الثواب عليه، وأنَّه شأن أولياء الله وخاصَّته من عبادِه الذين قال الله في مدحهم والثناء عليهم: ﴿ أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ * لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾ [يونس: 62 – 64].

 

فقد مدَح الله أهلَ الإيمان والتقوى، بجميل الخِصال وجليل الأعمال، ومن أخصِّ ذلك قيامُ الليل؛ قال – تعالى -: ﴿ إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ * تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ * فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [السجدة: 15 – 17]، ووصَفَهم في موضعٍ آخَر بقوله: ﴿ وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا * وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا ﴾ [الفرقان: 64 – 65] إلى أنْ قال: ﴿ أُولَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلَامًا * خَالِدِينَ فِيهَا حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا ﴾ [الفرقان: 75 – 76].

 

 

وفي ذلك من التنبيه على فضل قِيام الليل وكريم عائدته ما لا يَخفَى، وأنَّه من أسباب صرف عذاب جهنَّم، والفوز بالجنَّة وما فيها من النَّعيم المُقِيم، وجوار الربِّ الكريم، جعلنا الله ممَّن فاز بذلك؛ قال – تعالى -: ﴿ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ * فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ ﴾ [القمر: 54 – 55].

 

وقد وصَف المتقين في سورة الذاريات بجملة صفاتٍ؛ منها: قيامُ الليل، فازوا بها بفسيح الجنات، فقال – سبحانه -: ﴿ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ * كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ ﴾ [الذاريات: 15 – 17].

 

فصلاة الليل لها شأنٌ عظيم في تثبيت الإيمان، والإعانة على جليل الأعمال، وما فيه صلاح الأحوال والمال؛ قال – تعالى -: ﴿ يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ * قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا ﴾ [المزمل: 1 – 2] إلى قوله: ﴿ إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا * إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا ﴾ [المزمل: 5 – 6].

 

وثبت في – صحيح مسلم – عن النبي – صلى الله عليه وسلم – أنَّه قال: ((أفضَلُ الصلاة بعدَ المكتوبة – يعني: الفريضة – صلاة الليل))[1]، وفي حديث عمرو بن عبسة قال – صلى الله عليه وسلم -: ((أقرَبُ ما يكون الربُّ من العبدِ في جوف الليل الآخِر، فإن استَطعتَ أن تكون ممَّن يذكر الله في تلك الساعة فكن))[2].

 

ولأبي داود عنه قال – رضِي الله عنه -: أيُّ الليل أسمع؟ – يعني: أحرى بإجابة الدعاء – فقال – صلى الله عليه وسلم -: ((جوف الليل الآخِر، فصَلِّ ما شئتَ، فإنَّ الصلاة فيه مشهودة مكتوبة))[3].

 

وفي الصحيحين عن أبي هريرة – رضِي الله عنه – أنَّ رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال: ((ينزل ربُّنا – تبارك وتعالى – كلَّ ليلةٍ إلى السماء الدنيا، حين يبقى ثلث الليل الآخِر فيقول: مَن يدعوني فأستجيب له؟ مَن يسألني فأعطيه؟ مَن يستغفرني فأغفر له؟))[4].

 

وفي “صحيح مسلم” عن جابر – رضِي الله عنه – أنَّ رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال: ((مِن الليل ساعةٌ لا يُوافِقها عبدٌ مسلم يَسأَل الله خيرًا إلا أعطاه إيَّاه، وهي كلَّ ليلة))[5].

 

وفي “صحيح البخاري” عن عبادة بن الصامت – رضِي الله عنْه – عن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: ((مَن تَعارَّ من الليل – يعني: استَيقَظ يلهج بذكر الله – فقال: لا إله إلا الله، وحدَه لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كلِّ شيءٍ قدير، الحمد لله، وسبحان الله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوَّة إلا بالله، ثم قال: اللهم اغفر لي، أو دعا – استُجِيب له، فإنْ تَوضَّأ وصلَّى قُبِلَتْ صلاتُه))[6].

 

وأخرج الإمام أحمد وغيره عن أبي مالكٍ الأشعري – رضِي الله عنه – قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: ((إنَّ في الجنَّة غرفًا، يُرَى ظاهِرُها من باطنها، وباطنها من ظاهرها، أعدَّها الله لِمَن أَلانَ الكلام، وأطعَمَ الطعام، وتابَعَ الصِّيام، وصلَّى بالليل والناس نِيام))[7].

 

وفي الصحيحين عن أبي هريرة – رضِي الله عنه – قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: ((قال الله – عزَّ وجلَّ -: أعددتُ لعبادي الصالحين ما لا عين رأَتْ، ولا أذن سمعَتْ، ولا خطر على قلبِ بشر))[8]، قال أبو هريرة: اقرؤوا إن شئتم ﴿ فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [السجدة: 17].

 

وجاء في السنَّة الصحيحة، ما يُفِيد أنَّ قيام الليل من أسباب النَّجاة من الفِتَنِ، والسلامة من دخول النار؛ ففي البخاري وغيره عن أم سلمة – رضِي الله عنْها – أنَّ النبي – صلى الله عليه وسلم – استَيقَظ ليلة فقال: ((سبحان الله، ماذا أُنزِلَ الليلةَ من الفتنة؟ ماذا أُنزِلَ الليلةَ من الخزائن؟ مَن يُوقِظ صَواحِب الحجرات؟))[9]، وفي ذلك تنبيهٌ على أثَر الصَّلاة بالليل في الوقاية من الفِتَن.

 

وفي قصة رؤيا ابن عمر قال: “فرأيت كأنَّ ملكَيْن أخَذَاني، فذَهَبا بي إلى النار فإذا هي مطويَّة كطَيِّ البئر، وإذا لها قرنان – يعني: كقرني البئر – وإذا فيها أناسٌ قد عرفتهم، فجعلتُ أقول: أعوذ بالله من النار، قال: فلقينا ملكٌ آخَر فقال: لم ترع، فقصصتُها على حفصة، فقصَّتها حفصة على النبي – صلَّى الله عليه وسلَّم – فقال: ((نعمَ الرجل عبد الله لو كان يُصلِّي من الليل))، فكان عبد الله لا ينام من الليل إلا قليلاً”[10].

 

وأخرج الحاكم وصحَّحه ووافَقَه الذهبيُّ عن أبي أمامة الباهلي – رضِي الله عنه – عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال: ((عليكم بقيام الليل؛ فإنَّه دأب الصالحين قبلكم، وقربةٌ لكم إلى ربِّكم، ومَكْفَرَةٌ للسيِّئات، ومَنْهَاةٌ عن الإثم))[11].

 

فتلخَّص ممَّا سبق أنَّ قيام الليل:

 

أ) من أسباب ولاية الله ومحبَّته.

 

ب) ومن أسباب ذهاب الخوف والحزن، وتوالي البشارات بألوان التكريم والأجر العظيم.

 

ج) وأنَّه من سِمات الصالحين، في كلِّ زمان ومكان.

 

د) وهو من أعظم الأمور المُعِينة على مصالح الدنيا والآخِرة، ومن أسباب تحصيلها والفوز بأعلى مطالبها.

 

هـ) وأنَّ صلاة الليل أفضل الصلاة بعد الفريضة، وقربةٌ إلى الربِّ ومَكفَرةٌ للسيِّئات.

 

و) وأنَّه من أسباب إجابة الدُّعاء، والفَوْز بالمطلوب المحبوب، والسلام من المكروه والمرهوب، ومغفرة سائر الذنوب.

 

ز) وأنَّه نجاةٌ من الفِتَن، وعصمةٌ من الهلَكَة، ومَنْهَاة عن الإثم.

 

ح) وأنَّه من مُوجِبات النَّجاة من النار، والفوز بأعالي الجنان.

 

فضل قيام رَمضان

 

فإذا تبيَّن أنَّ القيام من خِصال الخير، وعظيم الأجر، وجزيل الأجر، وأنَّه من خِصال التقوى، التي فرَض الله – سبحانه – الصِّيام لتحقيقها وتكميلها، وتحصيل عواقبها الطيِّبة وآثارها المبارَكة، ظهَر لك أنَّ الصِّيام والقِيام في رَمضان مُتلازِمان عند أهل الإيمان، فإنَّ القيام في رَمضان من الشَّعائِر العظيمة التي سنَّها رسول الله – صلى الله عليه وسلم – بقوله وفعله، ورغَّب فيها؛ ففي الصحيحين عن أبي هريرة – رضِي الله عنه – قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: ((مَن قام رَمضان إيمانًا واحتسابًا غُفِر له ما تقدَّم من ذنبه))[12].

 

وثبَت في الصحيح عن عائشة – رضِي الله عنْها – أنَّ النبي – صلى الله عليه وسلم – صلَّى في المسجد من جوف الليل، فصلَّى بصلاته ناسٌ من أصحابه ثلاثَ ليالٍ، فلمَّا كانت الليلة الرابعة عجز المسجد عن أهله – أي: امتلأ من الناس – فلم يخرج إليهم رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فلمَّا أصبح قال – صلى الله عليه وسلم -: ((قد رأيتُ الذي صنَعتُم، ولم يمنعني من الخروج إليكم إلاَّ أنِّي خشيتُ أن تفرض عليكم))[13]، وذلك في رَمضان.

 

وفي هذا الحديث شفَقَةُ النبي – صلى الله عليه وسلم – على أمَّته وفيه حِرْصُ الصحابة – رضِي الله عنْهم – على السنَّة، ورغبتهم في قِيام الليل، وفي الصحيحين أيضًا عن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: ((مَن قام ليلةَ القدر إيمانًا واحتسابًا غُفِرَ له ما تقدَّم من ذنبه)) ، وهذا من أدلَّة فضل قيام رَمضان، وخاصَّة العشر الأواخر منه، فإحياؤها من سنَّة النبي – صلى الله عليه وسلم – تحرِّيًا لليلة القدر؛ طلبًا لما فيها من عظيم الأجر.

 

وقيام رَمضان شاملٌ للصلاة، في أوَّله وآخِره، والتراويح من قيام رَمضان، ففي السنن وغيرها عن أبي ذر – رضِي الله عنه – عن النبي – صلى الله عليه وسلم – أنَّه قال: ((إنَّه مَن قام مع الإمام حتى ينصَرِف كُتِبَ له قيامُ ليلة))[14]، فينبَغِي الحرصُ عليها، والاعتِناء بها؛ رغبةً في الخير وطلبًا للأجر، فيُصَلِّي المرء مع الإمام حتى ينصَرِف؛ ليحصل له أجرُ قيامِ ليلة.

 

وإنْ أحبَّ أن يُصلِّي من آخِر الليل ما كُتِبَ له فله ذلك؛ ليفوز بفَضائل صلاة جوف الليل، فإنها – كما سبق – مشهودة مكتوبة يُسمَع فيها الدُّعاء ويُستَجاب، وتُقضَى المسألة، ويُغفَر الذنب، إلى غير ذلك ممَّا جاء في فضل القِيام.

 

فقد صَحَّ عن النبي – صلى الله عليه وسلم – أنَّه قال: ((صلاة الليل مَثنى مَثنى))[15]، فلم يُقيِّد الصلاةَ بعدد، فيُصلِّي ما شاء الله، غير أنَّه لا يُوتِر إنْ كان أَوتَر مع الإمام أوَّلَ الليل؛ لقوله – صلى الله عليه وسلم -: ((لا وتران في ليلة))[16].

 

والمقصود: أنَّ أوقات شهر رَمضان أوقاتٌ شريفةٌ مباركةٌ، ينبَغِي للمُوفَّق أن يغتَنِمها في جليل القُرَبِ، والإلحاح على الله بالطَّلَب لخيري الدنيا والآخِرة، والتوفيق من الله، فإنَّه هو الرحمن المستعان وعليه التُّكلان، ولا حولَ ولا قوَّة إلا بالله العلي العظيم، فهو حسبُنا ونعم الوكيل.

 

فضل ليلة القدر

 

ليلة القدر ليلة شريفة، خصَّها الله بخصائص عظيمة، تُنبِئ عن فضلها ورفعة شأنها، منها:

 

1- أنها الليلة التي أُنزِل فيها القرآن؛ كما قال – تعالى -: ﴿ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ﴾ [القدر: 1]، ففي تخصيصها بذلك تنبيهٌ على شرفها وتنويهٌ بفَضلِها، حيث أنزَلَ الله – تعالى – فيها أعظمَ الذِّكر وأشرَف الكُتُب، ففي قراءته فيها أخذٌ بسببٍ من أعظم أسباب الهُدَى ودواعي التُّقى.

 

2- وصف الله – تعالى – بأنها مباركة، بقوله: ﴿ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ…﴾ [الدخان: 3] الآية، فهي مُبارَكةٌ لكثرة خيرها وعظم فضلها، وجليل ما يُعطِي الله مَن قامَها إيمانًا واحتِسابًا، من الخير الكثير والأجر الوفير.

 

3- إخباره – تعالى – عنها، بقوله: ﴿ فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ ﴾ [الدخان: 4]؛ أي: يفصل من اللوح المحفوظ إلى صحف الكتَبَة من الملائكة من الأمور المحكَمة ممَّا يتعلَّق بالعِباد من أمر المعاش والمعاد إلى مثلها من العام القابل، من الأرزاق والأعمال والحوادث والآجَال، ونحو ذلك من الأمور المحكمة المتقَنة بمقتضى علم الله – تعالى – وحكمته ومشيئته وقدرته، وذلك كلُّه ممَّا يبيِّن شرفَ تلك الليلة وعظم شأنها.

 

4- ما يُفِيده قوله – تعالى -: ﴿ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ ﴾ [القدر: 3]، من التنبيه على فضل قيامها وكثرة الثواب على العمل فيها، مع مُضاعَفة العمل، فإنَّ عبادة الله – تعالى – وما يَنالُه العبدُ من الثواب عليها خيرٌ من العِبادة في ألف شهر خالية منها، وذلك يُنيِّف على ثمانين سنة، وإذا كان العمل الصالح يُضاعَف في رَمضان ويُضاعَف ثوابه، فكيف إذا وقَع في ليلة القدر؟ فلا يعلم إلا الله – تعالى – ما يَفُوز به مَن قامَها إيمانًا واحتِسابًا من الأجر العظيم والثواب الكريم.

 

5- تنزَّل الملائكة فيها إلى الأرض بالخير والبركة والرحمة لأهل الإيمان؛ كما قال – تعالى -: ﴿ تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ * سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ ﴾ [القدر: 4 – 5]؛ ولذا فهي ليلةٌ مطمئنة، تَكثُر فيها السلامة من العذاب، والإعانة على طاعة الغفور التواب.

 

6- ما ثبَت في الصحيحين عن النبي – صلى الله عليه وسلم – أنَّه قال: ((مَن قام ليلةَ القدر إيمانًا واحتسابًا، غُفِر له ما تقدَّم من ذنبه)) ، فهي ليلةٌ تُغفَر فيها الذُّنوب، وتُفتَح فيها أبواب الخير، وتعظم الأجور، وتُيسَّر الأمور.

 

فلهذه الفضائل العظيمة وغيرها تواتَرت الأحاديث الصحيحة عن النبي – صلى الله عليه وسلم – في الحثِّ على تحرِّي هذه الليلة في ليالي العشر الأخيرة من رَمضان، وبيان فضلها،

 

وفي سنَّته – صلى الله عليه وسلم – في قيامها، وهدي أصحابه – رضِي الله عنْهم – من الاجتِهاد في التِماسها ما يبعث همم طلاب الآخِرة والراغِبين في العتق والمغفرة مع وافر الأجر وكريم المثوبة، إلى اتِّباعهم على ذلك بإحسان، التِماسًا لرضا الرحمن، والفوز بفَسِيح الجِنان.

 

ولم يرد عن النبيِّ – صلى الله عليه وسلم – نصٌّ صريحٌ أنها في ليلةٍ معيَّنة لا تتعدَّاها في كلِّ سنة، وما ورَد من النصوص في تحديدها بليلةٍ معيَّنة فالمراد – والله أعلم – في تلك السَّنَة التي أخبَر النبي – صلى الله عليه وسلم – عنها فيها، وحَثَّ على قيامها بعينها،

 

وبهذا تجتَمِع الأحاديث التي ظاهرها التعارُض، وتُفِيد تلك الأحاديث أنها تنتقل من سنةٍ إلى أخرى، فقد تكون في سنة ليلة إحدى وعشرين، وفي أخرى ليلة ثلاث وعشرين، وفي ثالثة أربع وعشرين، وهكذا.

 

قال الحافظ في “الفتح”: أَرجَحُ الأقوال أنها في الوتر من العشر الأخير وأنها تنتَقِل[17].

 

قلت: وممَّا قرَّره أهل العلم بشأنها أنها تُتحرَّى وتُطلَب في ليالي الشفع كما تُطلَب في ليالي الوتر؛ ولهذا جاءَ في بعض الأحاديث ونُقِل عن بعض السَّلَف تحديدُها في بعض الأعوام في ليالي الشفع من العشر.

 

وقد وجَّه شيخُ الإسلام ابن تيميَّة – رحمه الله – ذلك بقوله: “إنْ كان الشهر تامًّا فكلُّ ليلةٍ من العشر وتر؛ إمَّا باعتبار الماضي كإحدى وعشرين، وإمَّا باعتبار الباقي كالثانية والعشرين، وإنْ كان ناقصًا فالأوتار باعتِبار الباقي موافقة لها باعتِبار الماضي”.

 

ولهذا ينبَغِي أنْ يتحرَّاها المؤمن في كلِّ ليالي العشر؛ عملاً بقوله – صلى الله عليه وسلم -: ((التَمِسوا ليلةَ القدر في العشر الأواخر من رَمضان))[18]؛ متفق عليه.

 

وإنما أخفى الله علمَها عن العِباد رحمةً بهم؛ ليكثر اجتهادهم في طلبها، وتظهر رغبتهم فيها، وتكثر العبادة فيها، ليحصلوا على جليل العمل وجزيل الأجر بقيامهم تلك الليالي المباركة،

 

كل ليلة يَظنُّون أنها ليلة القدر، فإنهم بقِيامهم لتلك الليالي يُثابُون على قِيام كلِّ ليلة، لا سيَّما وأنهم يحتَسِبون أنها ليلة القدر والأعمال بالنيَّات، مع أنهم يُدرِكون ليلةَ القدر قطعًا إذا قاموا كلَّ ليالي العشر.

 

ولهذا كان من سُنَّة النبي – صلى الله عليه وسلم – الاعتِكافُ تلك العشر، وهذا فيه الاجتِهاد في العِبادة، وبذل الوسع في تحرِّي تلك الليلة، فينقَطِع في المسجد تلك المدَّة عن كلِّ الخلائق،

 

مشتَغِلاً بطاعة الخالق، قد حبَس نفسَه على طاعته، وشغل لسانه بدعائه وذكره، وتخلَّى عن جميع ما يشغله، وعكف بقلبه على ربِّه وما يُقرِّبه منه، فما بقي له سوى الله، وما شغل نفسه إلا بما فيه رِضاه.

وحقيقةً: أنَّ الاعتِكاف سُنَّة مأثورة، وشعيرة مبرورة، وقد أَوشَكتْ أن تكون بين الناس مهجورة، فينبَغِي لِمَن تيسَّر له أمرُه إحياؤها والترغيب فيها؛

 

فإنَّ ((مَن سَنَّ في الإسلام سُنَّة حسنة فله أجرها وأجر مَن عمل بها إلى يوم القيامة، من غير أن ينقص من أجورهم شيء))[19]؛ رواه مسلم.

وقال – صلى الله عليه وسلم -: ((مَن دلَّ على خيرٍ فله مثلُ أجر فاعِلِه))[20]؛ رواه مسلم.

وممَّا ينبَغِي التفطُّن له تربيةُ الأهلِ على العناية بهذه الليالي الشريفة، وإظهار تعظيمها، والأَخْذ بسُنَّة النبي – صلى الله عليه وسلم – فيها، فقد كان يوقظ أهله[21]،

 

وكلُّ مَن يُطِيق القيامَ للصلاة والذِّكر، والتنافس فيما ينال به عظيم الأجر من خِصال البِرِّ؛ حرصًا على اغتِنام هذه الليالي المُبارَكة، فيما يُقرِّب إلى الله – تعالى – فإنها من فرص العمر وغنائم الدهر.

 

وممَّا يدعو إلى القلق وعظيم الحزن تَساهُل بعضِ الناس – هدانا الله وإيَّاهم – فيها، وزهدهم في خيرها؛ حيث يظهر منهم الكسل فيها أكثر ممَّا سبَقَها من الشهر، حتى يَتَخلَّفون عن الفرائض ويهجرون المساجد،

 

ويَزدَحِمون في الأسواق، ويَرتَكِبون بعض خِصال النِّفاق، نسأل الله تعالى لنا ولهم العفوَ والعافية والمعافاة الدائمة في الدنيا والآخرة، وأن يجعلنا من المُسارِِعين إلى المغفرة والجنَّات، المُتنافِسين في الخيرات، الفائزين بعظيم الأجور وأعالي الجنَّات، إنه سبحانه سميع مجيب الدعوات.

قدمنا لكم عبر موقعنا ” لحظات ” فضل شهر رمضان وليلة القدر ”  ونتمني ان تكون انالت  أعجباكم وللمزيد من التعريفات عن شهر رمضان زورو موقعنا ” لحظات ” اكبر موقع في الشرق الاوسط وفي العالم العربي “

التالي
تفسير رؤية القران الكريم في الحلم
السابق
قصص حقيقية تحبس الانفاس من الرعب والاثارة