كيف تتخلص من الذنوب والمعاصى

كتابة: اسماء حسن - آخر تحديث: 16 فبراير 2024
كيف تتخلص من الذنوب والمعاصى

بسم الله الرحمن الرحيم يقدم لكم موقعنا المتميز لحظات هذا الموضوع من اجمل الموضيع . كيف اتخلص من الذنوب والمعاصى نتخلص من الذنوب والمعاصى عن طريق الرجعه الله الله ىعز وجل عن طريق الصلاه الصوم الذكاه الصدقة .وللمزيد زورو موقعنا لحظات.

كيف تتخلص من الذنوب

إن الله سبحانه وتعالى لما خلق الإنسانَ، أمره بعبادته وحده لا شريك له، وأن تكون حياته كلُّها من أجل ربه جل وعلا، قال تعالى: ( قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)،
ولكن الإنسان مجبولٌ بطبعه على التقصير والخطأ، فهذه طبيعة خلقهِ، لأن الله بحكمته لم يجعلنا معصومين، بل نقع في الذنب والخطأ،
والتقصير في حق الله جل وعلا. ولا بدّ أن يُدرِكَ الإنسانُ أن الذنب جرحٌ، والجرحُ يزداد ألمه بمقدارِ أهمية العضوِ الذي يصيبه، فجرحٌ في اليدِ ليس كجرحٍ في الرأسِ مثلاً،
والذنوب تصيب أهم عضوٍ في جسد الإنسان، ألا وهو القلب، الذي قال عنه النبي صلى الله عليه وسلم: (ألا إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب)،
فالذنب يجرح القلب مباشرةً، وكلما زادتِ الذنوب زادت جروح القلب، حتى يصل إلى الموت، والقلوب الميتة هي القلوب القاسية التي وصفها الله سبحانه وتعالى في القرآن بالحجارة، كما قال تعالى
: (ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُم مِّن بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً) ومن هنا تأتي أهمية معالجة هذه الجروح بالتوبة والعودة إلى الله عز وجل، ولزوم طاعته وتجنُّبِ معصيتِه.

التخلص من الذنب

لا يمكن لأي إنسانٍ في هذه الدنيا أن يكون بلا ذنبٍ في حياته، فكل ابن آدم خطَّاء، ولكن يستطيع الإنسان أن يتخلَّصَ من هذه الذنوب ، ويُعالِجَ هذه الجروح، بخطواتٍ واضِحةِ المعالمِ، يستطيع – إذا وفقه الله- أن يخطوها، وهي في النقاط التالية :

لا بدّ ابتداءً أن يُدرِكَ أنَّه مُذنِب، وأن لا يُهَوِّنَ ذنبهُ في عينيه، فأول خطوةٍ للعلاج هي الاعترافُ بالمرض، فلو أنكرَ المريض مرضهُ، صَعُبَ عِلاجُهُ، فينبغي على الإنسانِ أن يُقِرَّ بِذنبه، ويعترِفَ بخطئِه.
الدعاء لله سبحانه وتعالى، أن يطهِّرَ القلبَ من الذنوب والمعاصي، فالدعاءُ سلاحُ المؤمنِ الصادق، والله أمرنا أن ندعوه، كما قال تعالى: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ۖ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ).
يجبُ على المُذنبِ أن يتذكَّرَ الجنة والنار، والبعث والجزاء، وأننا محاسبون على أعمالنا، فالله سبحانه لم يَخلُقنا عبثاً، ولم يُعطِنا الاختيار أن نعمل في دنيانا ما نشاء من الذنوب والمعاصي دون حِساب، بل إننا سنُحاسبُ على كلِّ صغيرةٍ وكبيرةٍ، فإما أن يؤاخِذنا الله بها، وإما أن يغفر لنا ويتوب علينا، وهو التواب الرحيم.
لا بدّ أن يعلم الإنسانُ الذي وقع في الذنب، أن الله عز وجل غفور رحيم بعباده، يغفر لهم ويعفو عنهم، فلا ينبغي على المُذنِبِ أن ييأس من رحمة الله التي وَسِعت كلَّ شيء.
ينبغي أن يتوب إلى الله توبةً صادقة، يعزم فيها على ألا يرجع للذنب أبداً، فيندم على ما فاته، وعليه أيضاً أن يعيد الحقوق إلى أصحابها، إن كان قد اعتدى على حقوق الناس.
كثرة الاستغفار من الذنب، فالاستغفار يطهِّرُ القلب، ويمحو الله به الخطايا.
القيام بالأعمال الصالحةِ الحسنةِ التي تمحو الذنوب، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (وأتبعِ السيئة الحسنة تمحها)، فالإسلام دين عمليّ، يعلُمُنا أن لا نقف كثيراً عند النَّدمِ على الذَّنب، بل يجب المسارعة بالأعمال الحسنةِ، والتي يُساعدُ الانشغال بها على الابتعاد عن الذنب.

ما بعد التخلص من الذنب

حتى لا يعودَ الإنسان إلى الذنبِ بعد التخلُّصِ منه، لا بدّ من خطواتٍ عملية :

لا بدّ أولاً أن يترك الإنسان الأماكن والمَواطِن التي توصله إلى الذنب، فإذا كان هناك مكانٌ معينٌ كان يذهبُ إليه ليرتكب الذنب، فيجب أن يبتعد عنه قدر المستطاع.
ترك صحبة السوء، التي تجرُّ الإنسان إلى الذنب، فالمرءُ على دين خليله، وكل إنسانٍ يتأثر بأصدقائه ومحيطه بلا شك، فلا يُمكِنُ لصاحب سوءٍ أن يدلَّ على الخير، كما أنه لا يمكن لصاحب خيرٍ أن يدل على السوء.
الانشغال بالأعمال المفيدة النافعة، التي تُشغِلُ وقت الإنسان، فلا يفكِّرُ في الذنب إذا انشغلَ بِها، لأن الفراغَ القاتل هو ما يدفعُ الإنسانَ إلى الذنوب، فأحياناً قد يرتكب الإنسان الذنب لمجرَّد أنه يريد قضاء وقت فراغه.!
الذهاب للمسجد، للصلاة وقراءة القرآن، والاستماع للدروس الدينية، فهذا مما يٌساعِدُ على الابتعاد عن الذنب، لأنه سيرٌ في طاعةِ الله.
مُجاهدةُ النَّفس، وعدم الخضوع لكل ما تشتهيه النَّفس وترغبه، فشهواتُ الإنسان كثيرة، لو ركض ورائها فسيقضي عمره كله في الشهوات والمعاصي، فينبغي الحرص على جهاد النفس.
لا بدّ من قطع كل الوسائل التي تؤدي إلى الذنب، فقد يؤدي إلى الذنب نظرةٌ أو كلمةٌ أو غير ذلك من أبسطِ الأشياء، فينبغي الانتباه وعدم الوقوع في شيء من الممكن أن يؤدي للذنب.
معرفة الإنسان أن الله – سبحانه وتعالى- مطَّلِعٌ عليه، واستحضار مراقبة الله عز وجل دائماً، فلا يمكن للإنسان أن يرتكبَ الذنب، وهو يستحضر نظر الله إليه، وعلم الله به وبحاله، فيستحي من الله، وكما قال الشاعر:

وإذا خلوت بريبةٍ في ظُلمةٍ
والنَّفسُ داعيةٌ إلى الطغيان
فاستحي من نظر الإله وقل لها
إن الذي خلق الظلام يراني

الخوف من الله تعالى، فهذا يُبعِدُ الإنسان عن العودة للذنب ويردعه، ويكون الخوفُ من الله، بتذَكُّرِ عذاب الله، واستحضار هيبة الرب جل جلاله، واستصغار العبد لنفسه أمام عظمة الله.
الرجاء في مغفرة الله ورحمته، فلا بدّ أن يعيش الإنسان بين الخوفِ والرجاء، خوف من عذاب الله، ورجاءٌ في رحمة الله، فالأصلُ في الإنسان أن يعيش بين الخوفِ والرجاء، ولا يُغَّلِّبُ أحدَ الأمرين، لأن تغليب أحدِ الأمرين يؤدي بالإنسان إلى الانحراف عن المسار الصحيح، فمن غلَّبَ جانِبَ الخوف، أصابه اليأس والقنوط، فييأس ويستسلم، ويظن أن الله لن يغفر له، وهذا مما يدفعه إلى العودة إلى الذنب مرةً أخرى، يأساً منه واستسلاماً، ومن غلَّب جانب الرجاء، اطمئن واستصغر ذنبه، وأمن على نفسه من مكر الله، فتراه يرتكبُ الذنب ويعود إليه مرةً بعد مرة، بحجةِ أن الله سيغفرُ له، وكأنه وقَّع عهداً مع الله بذلك!
كره الذنوب، والنظر إليها باستخفاف، واحتقارها وعدم إقامة أي وزنٍ لها، وعدم الالتفات لأي مغريات قد تجر إليها.
ويقابلُ ذلك حب الطاعات والأعمال الصالحة، ففرقٌ بين من يعمل عملاً صالحاً لأنّ ذلك واجبٌ عليه، وبين من يعمل الصالحات، حباً فيها ولأنه متعوِّدٌ عليها، لا يستطيع مفارقتها.
الإكثار من ذكر الله عز وجل، بمُختَلَفِ الأذكار، فذكر الله يُطَمْئِنُ القلب، كما قال تعالى: (ألا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ‏)، والإنسانُ الذي لا يذكر الله، يكون غير مطمئن، قلقاً في حياته، مضطربةً نفسه، وتراه غالباً في همٍ وضيقٍ وحزن لا يفارقه، وهذا نتيجةٌ طبيعية للابتعاد عن ذكر الله

كيف تتخلص من الذنوب والمعاصي

لا يُصنّف الإنسان على أنه من الكائنات الكاملة التي لا تخطئ، فهو مزيج من الخطأ والصواب، من الخير والشر، من الحق والباطل،

ولكن الإنسان الخيِّر هو من انتصر في
داخله الصواب على الخطأ، والخير على الشر،

والحق على الباطل. إنّ الإنسان يعتبر واحداً من الكائنات الفريدة التي لم ولن يرتقِ إلى مستواها أيّ كائنٍ آخر مهما كان،

فجمال التجربة الإنسانيّة يتلخّص في ضرورة أن يجرب، وأن يخطئ، وأن يتعلّم من هذه الأخطاء،

فلو لم يفعل الإنسان إلّا الصواب لكان من الكائنات مبرمجاً،

ولما كانت له ميزات، ولما كان هناك معنى لحسابه وعقابه أيضاً. .

الذنوب والمعاصي

الذنوب والمعاصي هي الأخطاء الدينيّة التي يقترفها الإنسان بحق نفسه دينياً، وهي من المذمومات لأنها تبعد الإنسان عن الصراط المستقيم الذي ارتضاه الله تعالى له،

فذنوب الإنسان ومعاصيه تفصله عن طريق الحق والخير والصواب، وتحول بينه وبين المعروف، ولكن هذا لا يعني أنّ كل من يقترف ذنباً

حتى لو كان ذنباً عظيماً أو معصية معيّنة هو إنسان سيء، فالإنسان قد يضعف في لحظات، وقد يقوى في لحظات أخرى، فكلّ

من أخطأ يجب أن نأخذ بيده حتى يُصلح

خطأه ويعود إلى جادة الصواب، فالمتديّن أياً كان دينه يكره المعاصي من الإنسان وليس الإنسان نفسه.

ترك الذنوب والمعاصي

ترك الذنوب والمعاصي يكون أولاً بإدراك أنّ هذا الفعل الشنيع هو حقاً معصية؛ فالبعض قد يرتكبون المعاصي

ويصرّون عليها، بل ويبرّرون لها، بحيث يكونوا مرتاحين إلى أنّ ما يقومون به هو أمر حسن ومقبول، وهذا هو أصعب

أنواع الذنوب والمعاصي؛ فالمعصية إن اقترنت باطمئنان الضمير إليها استقرت واستمرت، فالضمير اليقظ هو المنبّه الأوّل لوجود المعصية، وهو الذي يدفع الإنسان إلى تركها والابتعاد عنها.

 

بعد أن يتيقّن الإنسان من أنّ ما يقوم به هو حقاً من المعاصي والمنكرات، يجب أن يبدأ بجهاد نفسه، ومحاولة الإقلاع عن المعصية التي يقوم بها، ويكون ذلك من خلال ما يلي:

البعد عن الأسباب التي تُيسّر الوقوع في المعصية، والبعد أيضاً عن الأماكن التي تذكّر بهذه المعصية.
إشغال النفس بما هو خيِّر ونافع،

فأوقات الفراغ الكبيرة هي أساس المعاصي ومقبوحات الأعمال، لهذا فقد وجب على كلّ إنسان أن يملأ وقت فراغه جيداً، وأن يسعى في الأرض إصلاحاً وإعماراً لا فساداً.

إيجاد البدائل الجيّدة للأعمال السيئة، فعلى سبيل المثال، من كان يتكسّب من السرقة عليه أن يبحث عن عمل يسترزق منه.

البحث الدائم والمستمر عن الحقيقة، وكلّ الناس مطالبون بذلك، ذلك لأنّ الحقيقة هي الطريقة التي يمكن من خلالها

التمييز بين الحق والباطل، وبين الخير والصواب.

كيف يتخلص الإنسان من ذنوب الخلَوات

المسلم في هذه الدنيا معرَّض للوقوع في الذنب ، والمعصية , والواجب عليه – إن وقع فيهما – أن يسارع إلى التوبة ، والاستغفار ، قال تعالى : (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) الزمر/ 53 ، وقال تعالى : (وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا) النساء/ 110 ، وقال تعالى : (وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا . يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا . إِلَّا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا . وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا) الفرقان/ 68 – 71 .

والله تعالى يفرح بتوبة عبده إذا تاب إليه ، كما جاء في الحديث عن أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : (لَلَّهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ حِينَ يَتُوبُ إِلَيْهِ مِنْ أَحَدِكُمْ كَانَ عَلَى رَاحِلَتِهِ بِأَرْضِ فَلاَةٍ فَانْفَلَتَتْ مِنْهُ وَعَلَيْهَا طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ فَأَيِسَ مِنْهَا فَأَتَى شَجَرَةً فَاضْطَجَعَ فِى ظِلِّهَا قَدْ أَيِسَ مِنْ رَاحِلَتِهِ فَبَيْنَا هُوَ كَذَلِكَ إِذَا هُوَ بِهَا قَائِمَةً عِنْدَهُ فَأَخَذَ بِخِطَامِهَا ثُمَّ قَالَ مِنْ شِدَّةِ الْفَرَحِ : اللَّهُمَّ أَنْتَ عَبْدِى وَأَنَا رَبُّكَ. أَخْطَأَ مِنْ شِدَّةِ الْفَرَحِ) رواه البخاري (5950) ومسلم (2747) – واللفظ له – .

وانظر جواب السؤال رقم : (20661) للوقوف على شروط التوبة .

ثانياً :

الواجب على المسلم أن يحذر من ذنوب الخلوات , فالله تعالى قد ذم من يستخفي بذنبه من الناس ، ولا يستخفي من الله ، قال تعالى : (يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطاً) النساء/108 .

وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من ذنوب الخلوة والسر ، كما جاء في الحديث عَنْ ثَوْبَانَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ : (لأَعْلَمَنَّ أَقْوَامًا مِنْ أُمَّتِي يَأْتُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِحَسَنَاتٍ أَمْثَالِ جِبَالِ تِهَامَةَ بِيضًا فَيَجْعَلُهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هَبَاءً مَنْثُورًا) قَالَ ثَوْبَانُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ صِفْهُمْ لَنَا ، جَلِّهِمْ لَنَا أَنْ لاَ نَكُونَ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لاَ نَعْلَمُ ، قَالَ : (أَمَا إِنَّهُمْ إِخْوَانُكُمْ وَمِنْ جِلْدَتِكُمْ وَيَأْخُذُونَ مِنَ اللَّيْلِ كَمَا تَأْخُذُونَ وَلَكِنَّهُمْ أَقْوَامٌ إِذَا خَلَوْا بِمَحَارِمِ اللَّهِ انْتَهَكُوهَا) رواه ابن ماجه (4245) ، وصححه الألباني في “صحيح ابن ماجه” .

ثالثاً :

أما كيف يتخلص الإنسان من ذنوب الخلوات ، فيكون ذلك بـ :

1- الالتجاء إلى الله تعالى بالدعاء , والتضرع إليه ، أن يصرف عنه الذنوب والمعاصي ، قال تعالى : (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) البقرة/ 186 .

2- مجاهدة النفس ، ودفع وسوستها ، ومحاولة تزكيتها بطاعة الله ، قال تعالى : (وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا . فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا . قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا . وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا) الشمس/7 – 10 ، وقال تعالى : (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ) العنكبوت/69 .

3- تأمل الوعيد الشديد الوارد في حديث ثَوْبَانَ السابق ذِكره ، وخشية انطباقه على فاعل تلك الذنوب في خلواته .

4- استشعار مراقبة الله تعالى ، وأنه رقيب ، ومطلع على المسلم في كل حال .

قال ابن كثير رحمه الله :

وقد ذُكر عن الإمام أحمد رحمه الله أنه كان ينشد هذين البيتين ، إما له ، أو لغيره :

إذَا مَا خَلَوتَ الدهْرَ يَومًا فَلا تَقُل … خَلَوتُ وَلكن قُل عَليّ رَقيب

وَلا تَحْسَبَن الله يَغْفُل ساعةً … وَلا أن مَا يَخْفى عَلَيْه يَغيب

“تفسير ابن كثير” ( 6 / 219 ) .

5- أن يتخيل المسلم من يجلهم ، ويحترمهم ، ينظرون إليه وهو يفعل ذلك الذنب !

ويستشعر استحياءه من الله أكثر من استحيائه من الخلق , وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم : (واستحي من الله استحياءك رجلاً مِنْ أهلكَ) صححه الألباني رحمه الله في “السلسلة الصحيحة” (3559) ، وعزاه للبزار ، والمروزي في “الإيمان” .

6- تذكر الموت لو أنه جاءه وهو في حال فعل المعصية ، وارتكاب الذنب , فكيف يقابل ربه وهو في تلك الحال ؟! .

7- تذكر ما أعده الله لعباده الصالحين من جنة عرضها السموات والأرض , والتفكر في عذاب الله تعالى ، قال تعالى : (أَفَمَنْ يُلْقَى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَمْ مَنْ يَأْتِي آمِنًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ) فصلت/40 .

رابعاً:

أما حديث النَّوَّاسِ بْنِ سَمْعَانَ الأَنْصَارِىِّ رضي الله عنه قَالَ : سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْبِرِّ وَالإِثْمِ فَقَالَ : (الْبِرُّ حُسْنُ الْخُلُقِ ، وَالإِثْمُ مَا حَاكَ فِي صَدْرِكَ وَكَرِهْتَ أَنْ يَطَّلِعَ عَلَيْهِ النَّاسُ) : فقد رواه مسلم (2553) ، وهو ميزان يدل على معرفة الذنب ، والمعصية ، عند الاشتباه في أمرهما .

قال النووي رحمه الله في شرح الحديث :

وَمَعنَى (حَاكَ فِي صَدْرك) أَي : تَحَرَّكَ فِيه ، وَتَرَدَّدَ ، وَلَمْ يَنشَرح لَهُ الصَّدر ، وَحَصَل في القَلب مِنه الشَّكّ ، وَخَوْف كَونه ذَنبًا .

“شرح مسلم” (16/111) .

وقال ابن رجب رحمه الله :

إشارةٌ إلى أنَّ الإثم : ما أثَّر في الصدر حرجاً ، وضيقاً ، وقلقاً ، واضطراباً ، فلم ينشرح له الصَّدرُ ، ومع هذا : فهو عندَ النَّاسِ مستنكرٌ ، بحيث ينكرونه عند اطلاعهم عليه ، وهذا أعلى مراتب معرفة الإثم عندَ الاشتباه .

“جامع العلوم والحكَم” (ص 254) .

وقال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله :

“وهذه الجملة (الْإِثْمُ مَا حَاك فِي صَدْرك) إنما هي لمن كان قلبه صافياً سليماً ، فهذا هو الذي يحوك في نفسه ما كان إثماً ، ويكره أن يطلع عليه الناس .

أما المتمردون الخارجون عن طاعة الله الذين قست قلوبهم فهؤلاء لا يبالون ـ بل ربما يتبجحون بفعل المنكر والإثم ، فالكلام هنا ليس عاماً لكل أحد ، بل هو خاص لمن كان قلبه سليماً طاهراً نقياً ، فإنه إذا هم بإثم وإن لم يعلم أنه إثم من قِبَلِ الشرع تجده متردداً يكره أن يطلع الناس عليه ، وهذا ضابط وليس بقاعدة ، أي علامة على الإثم في قلب المؤمن” انتهى .

شرح الأربعين النووية” (ص294) .

وعلى هذا ، فليس في الحديث إقرار العبد على فعل المعصية في الخلوة ، وإنما هذا الميزان الدقيق لما يشتبه أمره على المسلم بالقلب هل هو معصية أم لا؟

فإن كان يستحي من فعله أمام الناس فهو معصية ، وإن كان لا يستحي منه فهو جائز ولا حرج فيه .

ونسأل الله أن يحفظنا وإياكم من الذنوب والمعاصي ، وأن يعيننا على أنفسنا .

كيف يتخلص الانسان من ذنوب الخلوات

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فاعلمي ـ وفقك الله ـ أن كل ابن آدم خطاء، وأن سمة التقي أنه إذا أذنب رجع إلى ربه وتاب من قريب، قال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ {الأعراف:201}.

والله تعالى لطيف بر غفور رحيم يقبل توبة التائبين ويقيل عثرات المستغفرين، فنصيحتنا لك أن تجاهدي نفسك في ترك هذا الذنب حتى يمن الله عليك بالتخلص منه، ولا تيأسي من التوبة، ولا تقنطي من رحمة الله مهما تكرر منك هذا الذنب، فإن باب التوبة مفتوح لا يغلق في وجه أحد حتى تطلع الشمس من مغربها، ومتى علم الله منك صدق المجاهدة والرغبة في التوبة النصوح، فإنه يمن عليك بالعون ويتداركك برحمته تعالى، كما قال سبحانه: وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا {العنكبوت:69}.

فاستمري في مجاهدة نفسك وكفها عما يسخط الله تعالى، وإذا غلبتك نفسك وظفر بك الشيطان في جولة فليست هذه نهاية المعركة، بل تداركي بتوبة نصوح عاجلة تمحو أثر ذلك الذنب، وأكثري من فعل الحسنات والتقرب بالطاعات ونوافل العبادات، فإن الحسنات يذهبن السيئات، وإياك أن تدعي دعاء ربك تعالى، أو الدعوة إليه، أو شيئا من أعمال الخير التي تأتين بها بحجة أنك صاحبة ذنب، فإن الذي ينبغي هو العكس، أن تتزودي من أعمال الخير وتستكثري منها رجاء أن تكون عونا على محو تلك الذنوب ـ بإذن الله ـ وليس من شرط من ينصح الناس أن يكون خاليا من العيوب، كما قيل:

ولو لم يعظ الناس من هو مذنبٌ *** فمن يعظ العاصين بعد محمدِ

صلى الله عليه وسلم.

فاجتهدي في جميع صنوف القرب، وأكثري من الدعاء والاستغفار، فليس ثم باب يطرقه العبد المذنب المسيء سوى باب ربه سبحانه، وهو سبحانه أرحم بعبده من الأم بولدها، واصحبي أهل الخير والصلاح، وأشغلي وقتك بما ينفعك في دينك ودنياك، وأديمي اللجأ إلى الله في أن يصلح قلبك ويثبتك على دينه، فإن القلوب بين إصبعين من أصابعه سبحانه يقلبها كيف يشاء.

هدانا الله وإياك لأرشد أمورنا.

التالي
تفسير حلم رؤية الورد في المنام – رؤية باقة ورد فى الحلم
السابق
فساتين سوارية باللون الأسود