كيف تجد حلاوة الإيمان

كتابة: اسماء حسن - آخر تحديث: 16 فبراير 2024
كيف تجد حلاوة الإيمان

بسم الله الرحمن الرحيم يقدم لكم موقعنا المتميز لحظات. هذا الموضوع الجميل عن كيف تجد حلاوة الإيمان .من ميّزات الإنسان أنّ لهُ روحاً ومشاعرَ قلبيّةٍ ترتفع بهِ إلى درجةٍ رفيعةٍ وعالية،لأنّه مصدر كُلّ خيرٍ، وآمن بهِ بقلبك، واجعل الإيمان واقعاً حيّاً على جوارحك وأركانك.وللمزيد زورو موقعنا لحظات.

كيف تجد حلاوة الإيمان

من ميّزات الإنسان أنّ لهُ روحاً ومشاعرَ قلبيّةٍ ترتفع بهِ إلى درجةٍ رفيعةٍ وعالية، إذا ما وظّفها في مكانها الصّحيح،

وأجملُ ما في الأمر هو قُرب هذهِ القُلوب الرقيقة من الله تعالى وتذوّق الإيمان؛ فللإيمان بالله واليقين به حلاوةٌ لا يَعرفُ طعمها إلّا من ذاقها وعايشها،

وهيَ نعمةٌ عظيمة، ومن حُرِمَ منها فقد فاتهُ خيرٌ عظيم. في هذا المقال سنتعرّف على كيفية إيجاد الإيمان وتذوّق.

طرق للوصول لحلاوة الإيمان

الجأ إلى الله؛ لأنّه مصدر كُلّ خيرٍ، وآمن بهِ بقلبك، واجعل الإيمان واقعاً حيّاً على جوارحك وأركانك؛

لأنَّ الإيمان هوَ تصديقٌ بالجنان وهو القلب وقولٌ باللسان، ثُمَّ عملٌ بالجوارح والأركان،

فلا يُعقل أنْ تكونَ مُؤمناً بالله ولا تُصلّي، أو لا تصوم وتُزكّي وغير ذلك. أكثِر من الطاعات وخُصوصاً الفرائض؛

فإنَّ سَبَبَ محبّة الله للعبد أنْ يلتزم العبد بما أمر بهِ، ثُمَّ إذا أرادَ العبد التدرُّجَ في المَحبّة الله عليهِ أنْ يُكثر من النَّوافل التي تَزيدُ من القُرب لله،

فما زالَ العبد يتقرّب إلى الله بالنوافل حتّى يُحبّه الله ويكونُ لهُ سمعهُ الذي يَسمع به، وبصرهُ الذي يُبصر به، ويُعطيه إذا سأل وإذا استعاذ به،

كما ورَد في الحديث القُدسيّ المعروف. التزم بمحبّةِ اللهِ ورسوله ومحبّة المؤمنين، وكذلك محبّة أنْ تكون مُسلماً لله بعيداً عن الكُفرِ وأهله؛

فهي سببٌ لأنْ تجد حلاوة الإيمان، كما قالَ رسولُ الله – صلّى اللله عليهِ وسلّم – في الحديث:

(ثلاث من كنّ فيه وجد بهنَّ حلاوةَ الإيمان؛ أنْ يكون اللهُ ورسولهُ أحبّ إليه مما سواهما، وأنْ يحبَ المرء لا يحبه إلّا لله،

وأنْ يكرهَ أنْ يعود في الكفر كما يكرهُ أنْ يُقذف في النَّار). إذا أردتَ أن تَذوقَ حلاوةَ الإيمان فعليك بالرضا،

والرضا هوَ قمّةُ اليقين والطمأنينة بالله؛ فأنت عندما ترضى بربّك جلّ جلاله إلهاً واحداً لا شريكَ له، وبنبيّه مُحمد –

عليه أفضل الصلاة والتسليم – رسولاً من عنده، وبدينهِ الإسلام بكلّ شرائِعِهِ وما يحملُهُ من تعاليم؛ فهنا تكون قمّةُ الرضِّا والتَّسليم،

وقد وردَ ذلكَ في الحديث الشريف الذي قالَ فيهِ رسولُ الله صلّى الله عليهِ وسلّم-: (ذاق طعم الإيمان:

من رضي بالله ربا، وبالإسلام دينا، وبمحمد نبيا رسولا). تَجدُ حلاوة الإيمان حينما تُكثِرُ من العبادات السريّة التي تكون بمنأىً عن أعين النّاس؛

فمثلاً صدقةٌ تضعها في يدِ مُحتاج دون أنّ يراكَ أحد إلاّ الله هيَ سرٌّ للسعادة واللذة التي لا تُضاهى، وركعتان في جوفِ الّليل،

وبكاءٌ من خشيةِ الله سرّاً، يترك أعظمَ الأثر في صدرك، وبه تجد حلاوة الإيمان.

إنها حلاوة الإيمان

بسم الله الرحمن الرحيم

نعمة حلاوة الإيمان ولذة الطاعة والإحسان , نعمة لا يدركها ولا يعرف قيمتها إلا من ذاقها وأحس بها وعاش معها , ولذة لا يستشعر أثرها إلا من تذوق طعمها وأنس بوجودها .

وحلاوة الإيمان تسري سريان الماء في العود، وتجري جريان الدماء في العروق , فيأنس بها القلب وتطمئن بها النفس , فلا يحس معها المرء بأرق ولا قلق ولا

ضيق, قال تعالى : ” فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ

يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ

عَلَى الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ (125) وَهَذَا صِرَاطُ رَبِّكَ مُسْتَقِيمًا قَدْ فَصَّلْنَا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ

يَذَّكَّرُونَ (126) لَهُمْ دَارُ السَّلَامِ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَهُوَ وَلِيُّهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (127) سورة الأنعام .
لذا حينما جاء خباب بن الأرت رضي الله عنه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم

يشكو ظلم قريش للمستضعفين من المسلمين , قال له في إيمان الواثق بربه

الذي ذاق حلاوة الإيمان به والثقة بما عنده من عزة ونصر : ” قَدْ كَانَ مَنْ قَبْلَكُمْ

يُؤْخَذُ الرَّجُلُ ، فَيُحْفَرُ لَهُ فِي الأَرْضِ ، فَيُجْعَلُ فِيهَا ، فَيُجَاءُ بِالْمِنْشَارِ ، فَيُوضَعُ عَلَى

رَأْسِهِ ، فَيُجْعَلُ نِصْفَيْنِ ، وَيُمَشَّطُ بِأَمْشَاطِ الْحَدِيدِ ، مَا دُونَ لَحْمِهِ وَعَظْمِهِ ، فَمَا

يَصُدُّهُ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ ، وَاللهِ ، لَيَتِمَّنَّ هَذَا الأَمْرُ ، حَتَّى يَسِيرَ الرَّاكِبُ مِنْ صَنْعَاءَ إِلَى

حَضْرَمَوْتَ ، لاَ يَخَافُ إِلاَّ اللهَ ، وَالذِّئْبَ عَلَى غَنَمِهِ ، وَلَكِنَّكُمْ تَسْتَعْجِلُونَ. أخرجه

“أحمد” 5/109(21371) و”البُخَارِي” 4/244(3612) .

لذا فقد وجدنا بلال بن رباح رضي الله عنه يطبق حلاوة الإيمان تطبيقاً عملياً حينما

كان يعذ ب من قبل قريش بعد إعلان كلمة التوحيد وكان يعذ ب في رمضاء مكة

حيث إنه سئل كيف صبرت يا بلال؟ قال: مزجت حلاوة الإيمان بمرارة العذاب فطغت

حلاوة الإيمان على مرارة العذاب فصبرت .
قال الشاعر :

ضع في يدي ّ القيد ألهب أضلعي * * * بالسوط ضع عنقي على السكّين

لن تستطيع حصار فكري ساعةً * * * أو نزع إيماني ونور يقيني

فالنور في قلبي وقلبي في يديْ * * * ربّي .. وربّي ناصري ومعيني

سأعيش معتصماً بحبل عقيدتي * * * وأموت مبتسماً ليحيا ديني

يقول ابن تيمية رحمه الله : ” فإن المخلص لله ذاق من حلاوة عبوديته لله ما يمنعه

من عبوديته لغيره، إذ ليس في القلب السليم أحلى ولا أطيب ولا ألذ ولا أسر ولا

أنعم من حلاوة الإيمان المتضمن عبوديته لله ومحبته له وإخلاص الدين له، وذلك

يقتضي انجذاب القلب إلى الله فيصير القلب منيباً إلى الله خائفاً منه راغباً راهباً ” . ابن تيمية : العبودية 6.

ولقد أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم أن للإيمان طعماً وحلاوة لا يحسها ولا

يتذوقها إلا من رضي بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبياً

ورسولا , عنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ

صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:ذَاقَ طَعْمَ الإِيمَانِ مَنْ رَضِىَ بِاللَّهِ رَبًّا وَبِالإِسْلاَمِ دِينًا وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولاً. أخرجه أحمد 1/208(1778) و”مسلم” 1/46(60).

وأن هذه الحلاوة لا بد لها من أصول وشروط , عَنْ أَنَسٍ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ

صلى الله عليه وسلم: ثَلاَثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ بِهِنَّ حَلاَوَةَ الإِيمَانِ : أَنْ يَكُونَ اللَّهُ ،

عَزَّ وَجَلَّ ، وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا ، وَأَنْ يَكْرَهَ الْعَبْدُ أَنْ يَرْجِعَ عَنِ الإِسْلاَمِ ،

كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ فِي النَّارِ ، وَأَنْ يُحِبَّ الْعَبْدُ الْعَبْدَ لاَ يُحِبُّهُ إِلاَّ ِللهِ ، عَزَّ وَجَلَّ. أخرجه

أحمد 3/174(12814) و”مسلم” 76.

قَالَ عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ لاِبْنِهِ يَا بُنَىَّ إِنَّكَ لَنْ تَجِدَ طَعْمَ حَقِيقَةِ الإِيمَانِ حَتَّى تَعْلَمَ أَنَّ

مَا أَصَابَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَكَ وَمَا أَخْطَأَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَكَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله

عليه وسلم يَقُولُ:إِنَّ أَوَّلَ مَا خَلَقَ اللَّهُ الْقَلَمَ فَقَالَ لَهُ اكْتُبْ قَالَ رَبِّ وَمَاذَا أَكْتُبُ قَالَ

اكْتُبْ مَقَادِيرَ كُلِّ شَىْءٍ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ يَا بُنَىَّ إِنِّى سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى

الله عليه وسلم يَقُولُ مَنْ مَاتَ عَلَى غَيْرِ هَذَا فَلَيْسَ مِنِّى. أخرجه أبو داود (4700).

ومن المشاهد التي رأها النبي صلى الله عليه وسلم ليلة المعراج مشهد مشاطة

ابنة فرعون , تلك المرأة المؤمنة التي ذاقت حلاوة الإيمان فهانت في عينيها الدنيا

بما فيها وبمن فيها , وتحملت التعذيب والقتل بنفس راضية مؤمنة , عَنْ سَعِيدِ بْنِ

جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:لَمَّا كَانَ اللَّيْلَةُ الَّتِى

أُسْرِىَ بِى فِيهَا أَتَتْ عَلَىَّ رَائِحَةٌ طَيِّبَةٌ فَقُلْتُ يَا جِبْرِيلُ مَا هَذِهِ الرَّائِحَةُ الطَّيِّبَةُ فَقَالَ

هَذِهِ رَائِحَةُ مَاشِطَةِ ابْنَةِ فِرْعَوْنَ وَأَوْلاَدِهَا. قَالَ قُلْتُ وَمَا شَأْنُهَا قَالَ بَيْنَا هِىَ تَمْشُطُ

ابْنَةَ فِرْعَوْنَ ذَاتَ يَوْمٍ إِذْ سَقَطَتِ الْمِدْرَى مِنْ يَدَيْهَا فَقَالَتْ بِسْمِ اللَّهِ. فَقَالَتْ لَهَا ابْنَةُ

فِرْعَوْنَ أَبِى قَالَتْ لاَ وَلَكِنْ رَبِّى وَرَبُّ أَبِيكِ اللَّهُ. قَالَتْ أُخْبِرُهُ بِذَلِكَ قَالَتْ نَعَمْ. فَأَخْبَرَتْهُ

فَدَعَاهَا فَقَالَ يَا فُلاَنَةُ وَإِنَّ لَكَ رَبًّا غَيْرِى قَالَتْ نَعَمْ رَبِّى وَرَبُّكَ اللَّهُ. فَأَمَرَ بِبَقَرَةٍ مِنْ

نُحَاسٍ فَأُحْمِيَتْ ثُمَّ أَمَرَ بِهَا أَنْ تُلْقَى هِىَ وَأَوْلاَدُهَا فِيهَا قَالَتْ لَهُ إِنَّ لِى إِلَيْكَ حَاجَةً.

قَالَ وَمَا حَاجَتُكِ قَالَتْ أُحِبُّ أَنْ تَجْمَعَ عِظَامِى وَعِظَامَ وَلَدِى فِى ثَوْبٍ وَاحِدٍ وَتَدْفِنَنَا.

قَالَ ذَلِكَ لَكِ عَلَيْنَا مِنَ الْحَقِّ. قَالَ فَأَمَرَ بِأَوْلاَدِهَا فَأُلْقُوا بَيْنَ يَدَيْهَا وَاحِدًا وَاحِدًا إِلَى أَنِ

انْتَهَى ذَلِكَ إِلَى صَبِىٍّ لَهَا مُرْضَعٍ وَكَأَنَّهَا تَقَاعَسَتْ مِنْ أَجْلِهِ قَالَ يَا أُمَّهْ اقْتَحِمِى فَإِنَّ

عَذَابَ الدُّنْيَا أَهْوَنُ مِنْ عَذَابِ الآخِرَةِ فَاقْتَحَمَتْ.قَالَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ تَكَلَّمَ أَرْبَعَةٌ صِغَارٌ

عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ وَصَاحِبُ جُرَيْجٍ وَشَاهِدُ يُوسُفَ وَابْنُ مَاشِطَةِ ابْنَةِ

فِرْعَوْنَ. أخرجه أحمد 1/309(2822) .

وحلاوة الإيمان لا يحسها ولا يعايشها أي أحد , كما أنها لا تباع ولا تستجدى ,

يقول أحدهم من شدة سروره بتلك النعمة : لو يعلم الملوك وأبناء الملوك ما نحن

فيه – يعني من النعيم – لجالدونا عليه بالسيوف.

وقال بعض العارفين: مساكين أهل الدنيا، خرجوا منها وما ذاقوا أطيب ما فيها. قيل:

وما أطيب ما فيها؟

قال: محبَّة الله تعالى ومعرفته وذكره .الوابل الصيب (70).

وكان شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله تعالى – يقول: إن في الدنيا جنة من لم

يدخلها لم يدخل جنة الآخرة.

وقال أيضاً : ليس للقلوب سرور ولا لذَّة تامة إلا في محبة الله والتقرُّب إليه بما

يحبه، ولا يمكن محبَّة إلا بالإعراض عن كلِّ محبوبٍ سواه . مجموع الفتاوى

(28/32).
قال مُطرِّف بن عبدالله الشخير: أتيت عمران بن حصين يوماً، فقلت له: إني لأدع

إتيانك لما أراك فيه، ولما أراك تلقى. قال: فلا تفعل، فو الله إن أحبه إليّ أحبه إلى

الله .وكان عمران بن الحصين قد استسقى بطنه، فبقي ملقى على ظهره ثلاثين

سنة، لا يقوم ولا يقعد، قد نقب له في سرير من جريد كان عليه موضع لقضاء

حاجته.فدخل عليه مطرف وأخوه العلاء، فجعل يبكي لما يراه من حاله فقال: لم

تبكي؟ قال: لأني أراك على هذه الحالة العظيمة. قال: لا تبك فإن أحبه إلى الله

 

تعالى، أحبه إلي. ثم قال: أحدثك حديثاً لعل الله أن ينفع به، واكتم علي حتى

أموت، إن الملائكة تزورني فآنس بها، وتسلم علي فأسمع تسليمها، فأعلم بذلك

أن هذا البلاء ليس بعقوبة، إذ هو سبب هذه النعمة الجسيمة، فمن يشاهد هذا

في بلائه، كيف لا يكون راضياً به؟!( إحياء علوم الدين 4/349).

وهذا خالد بن الوليد فارس الإسلام وليث المَشَاهد -رضي الله عنه- يقول -حين

ذاق طعم الإيمان وخالط بشاشة قلبه-: والله ما ليلة تهدى إليَّ فيها عروس، أنا لها

محب، أبشَّر فيها بغلام، بأحب من ليلة شديدة البرد كثيرة الجليد، في سرية في

المهاجرين أنتظر فيها الصبح لأغير على أعداء الله .

كأنما الموت في أفواههم عسل *** من ريق نحل الشفا حدث ولا حرجًا

حتى إذا ما حلَّت به السكرات، قال: لقد طلبت القتل مظانه، فلم يقدر لي أن أموت

إلا على فراشي، ولا والله -الذي لا إله إلا هو- ما عملوا شيئًا أرجى عندي بعد

التوحيد في ليلة بتُّها وأنا متترس، والسماء تهلني ننتظر الصبح حتى نغير على

أعداء الله . لقد شهدت كذا وكذا مشهدًا وما في جسدي شبر إلا وفيه ضربة سيف

أو طعنة رمح، أو رمية سهم، وها أنا ذا أموت على فراشي كما يموت العير، لا

نامت أعين الجبناء، عدتي وعتادي في سبيل الله، ثم لقي الله رضي الله عنه

وأرضاه .

الدم الذاكي جرى في عرقهم *** فاض مسكًا وتندى عنبرًا

فاسألوا عن كل نصرٍ خالدًا *** واسألوا عن كل عدلٍ عمرَ

وابن تيميه – رحمه الله- يدخل سجن القلعة ويغلق عليه الباب، فيبرز بلسم الحياة

في تلك اللحظة -أعني الإيمان- فيقول: (فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ

الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِن قِبَلِهِ الْعَذَابُ) ما يصنع أعدائي بي؟ أنا جنتي وبستاني في

صدري، أنَّى رُحت فهي معي لا تفارقني، حبسي خلوة، وقتلي شهادة، وإخراجي

من بلدي سياحة. إن في الدنيا جنة من لم يدخلها لم يدخل جنة الآخرة، إنها جنة الإيمان.
المحبوس من حبس قلبه عن ربه، والمأسور من أسره هواه، والله لو بذلت ملء

القلعة ذهبًا ما عدل ذلك عندي شكر نعمة الحبس، وما جزيتهم على ما تسببوا

لي فيه من الخير، اللهم أعنِّي على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك، حاله:

 

أنا لست إلا مؤمنًا *** بالله في سري وجهري

أنا نبضة في صدر هذا *** الكون فهل يضيق صدري

يقول تلميذه [ابن القيم] -رحمه الله-: وعلم الله ما رأيت أحدًا أطيب عيشًا منه قط،

مع ما كان فيه من ضيق العيش وخلاف الرفاهية والتنعم، وما كان فيه من الحبس

والتهديد والإرهاق ومع ذلك فهو من أطيب الناس عيشًا وأشرحهم صدرًا، وأقواهم

قلبًا، وأسرُّهم نفسًا، تلوح نظرة النعيم على وجهه، وكنا إذا اشتد بنا الخوف،

وساءت منا الظنون، وضاقت بنا الأرض أتيناه؛ فما هو إلا أن نراه ونسمع كلامه

فيذهب ذلك كله، وينقلب انشراحًا وقوة وطمأنينة، فسبحان من أشهد عباده جنته

قبل لقائه، وفتح لهم أبوابها في دار العمل، فآتاهم من روحها ونسيمها وطيبها ما

استفرغ قواهم لطلبها والمسابقة إليها. راجع : بلسم الحياة : علي عبد الخالق

القرني 5 وما بعدها .

يذكر أن زوجاً قال لزوجته بغضب: لأشقينَّك . فقالت الزوجة في هدوء وإيمان وعزة :

لا تستطيع أن تشقيني كما لا تستطيع أن تسعدني.
فقال الزوج في حنق : وكيف لا أستطيع ؟ فقالت الزوجة في ثقة : لو كانت

السعادة في راتب لقطعته عني أو زينة من الحلي لحرمتني منها ، ولكنها في

شيء لا تملكه أنت ولا الناس أجمعون !فقال الزوج في دهشة: وما هو ؟ فقالت

الزوجة في يقين : إني أجد سعادتي في إيماني ، وإيماني في قلبي ، وقلبي لا

سلطان لأحد عليه غير ربي .

فحلاوة الإيمان تمنحك القوة والعزة وتيسر عليك كل يسير وتهون عليك كل صعب ,

وتجمل حياتك بالرضا الكامل عن الله , كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول:

“ما أصبت بمصيبة إلا كان لله علي فيها أربع نعم: أنها لم تكن في ديني، وأنها لم

تكن أكبر منها، وأنني لم أحرم الرضا عند نزولها، وأنني أرجو ثواب الله عليها”.

قال أحدهم :

رضيت بما قسمَ الله لي * * * وفوّضتُ أمري إلى خالقي

كما أحسن الله فيما مضى * * * كذلك يُحسن فيما بَقِي

 

قال حاتم بن الأصم بنيت توكلي على أربعة أمور: علمت أن الله ناظر إلي فأنا أراقبه

. وعلمت أن رزقي لا يأخذه أحد غيري فأنا مطمئن به.وعلمت أن عملي لن يعمله

أحد غيري فأنا مشغول به.وعلمت أن الموت يطلبني فأنا مستعد له. أخرجه أبو

نعيم في الحلية (8/73)، والبيهقي في الشعب (2/98).

قَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ : لَيْسَ غِنًى أَغْنَى مِنْ سُكُونِ الْقَلْبِ ، وَلَيْسَ فَقْرٌ أَفْقَرَ مِنَ

اضْطِرَابِ الْقَلْبِ ، وَلَيْسَ عِزٌّ أَعَزَّ مِنَ الزُّهْدِ ، وَلَيْسَ ذُلٌّ أَذَلَّ مِنَ الرَّغْبَةِ فِي الدُّنْيَا

وَالطَّمَعِ ، وَلَيْسَ شَرَفٌ أَشْرَفَ مِنَ الْيَقِينِ ، وَلَيْسَ دَرَجَةٌ أَعْلَى مِنَ الصَّبْرِ ، وَلَيْسَ

حَلاوَةٌ أَحْلَى مِنْ مَحَبَّةِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ ، وَلَيْسَ مَرَارَةٌ أَمَرَّ مِنْ سَخْطِهِ ، وَلَيْسَ زَيْنٌ أَزْيَنَ

مِنَ التَّوَاضُعِ ، وَلَيْسَ جَهْلٌ أَجْهَلَ مِنَ الْكِبْرِ ، وَلَيْسَ قُوَّةٌ أَقْوَى مِنَ الْجُوعِ ، وَلَيْسَ دَاءٌ

أَدْوَى مِنَ التَّعَرُّضِ لِسَخْطِ اللهِ ، وَلَيْسَ كَلامٌ أَحْسَنَ مِنْ قَوْلِ لا إِلَهَ إِلا اللهُ .

ابن عبد البر المجالسة وجواهر العلم 4/515.

وهذه اللذة وتلك الحلاوة تتفاوت من شخص إلى شخص حسب قوة الإيمان

وضعفه، وتحصل هذه اللذة بحصول أسبابها، وتزول بزوال أسبابها، ويجدر بالمسلم

أن يسعى جاهدًا إلى تحصيلها لينعم بالحياة السعيدة , ومن الأسباب المعينة

على تحصيل حلاوة الإيمان ولذة العبادة والطاعة والإحسان :

1- مجاهدة النفس:
وذلك بتعويدها ومجاهدتها على الطاعة والعبادة , قال تعالى: ” وَالَّذِينَ جَاهَدُوا

فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمعَ الْمُحسِنِينَ”. العنكبوت:96.

فالنفس نزاعة إلى الشهوات , تميل إلى الملذات , فيا سعده من جاهدها وزكاها ,

قال تعالى :”وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (7) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (8) قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا

(9) وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا (10) سورة الشمس.

عنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ , عن النبي , صلى الله عليه وسلم , قال: الْكَيِّسُ مَنْ دَانَ

نَفْسَهُ وَعَمِلَ لِمَا بَعْدَ الْمَوْتِ , وَالْعَاجِزُ مَنْ أَتْبَعُ نَفْسَهُ هَوَاهَا وَتَمَنَّى عَلَى

الله.أخرجه أحمد 4/124(17253) و”ابن ماجة” 4260 والتِّرْمِذِيّ”

2459
عَنْ مَالِكِ بْنِ دِينَارٍ ؛ قَالَ : قَالَ عَبْدُ اللهِ الرَّازِيُّ : إِنْ سَرَّكَ أَنْ تَجِدَ حَلاوَةَ الْعِبَادَةِ وَتَبْلُغَ

ذُرْوَةَ سَنَامِهَا ؛ فَاجْعَلْ بَيْنَكَ وَبْيَنَ شَهَوَاتِ الدُّنْيَا حَائِطًا مِنْ حَدِيدٍ .ابن عبد البر

المجالسة وجواهر العلم 3/533.

يقول الشاعر:

ففي قمع أهواء النفوس اعتزازها * * * وفي نيلها ما تشتهي ذلُّ سرمدِ
فلا تشتغل إلا بما يكسب العلا * * * ولا ترضَ للنفس النفيسة بالرَّدِي

وقال آخر:

والنفس كالطفل إن تهمله شب على * * * حب الرضاع وإن تفطمْه ينفطمِ
فجاهد النفس والشيطان واعصهما * * * وإن هما محَّضاك النصح فاتهمِ

قال أبو بكر الصديق في وصيته لعمر رضي الله عنهما حين استخلفه : إنَّ أوَّل ما

أحذِّرُكَ نفسك التي بين جنبيك .جامع العلوم والحكم 2/23.

وقال سالم الخواص : أوحى الله إلى داود : لا تقرب الشهوات ، فإني خلقتها

لضعفاء خلقي ، فإن أنت قربتها ، أهون ما أصنع بك أسلبك حلاوة مناجاتي ، يا داود

، قل لبنى إسرائيل ، لا تقربوا الشهوات ، فالقلب المحجوب بالشهوات حجبت

صوته عنى .شرح صحيح البخاري لابن بطال 10/210.
قال ابن القيم: “السالك في أول الأمر يجد تعب التكاليف ومشقة العمل لعدم

أنس قلبه بمعبوده، فإذا حصل للقلب روح الأنس زالت عنه تلك التكاليف والمشاق

فصارت قرة عين له وقوة ولذة”.

فكم من شهوة ساعة أورثت ذلا طويلا، وكم من ذنب حرم قيام الليل سنين، وكم

من نظرة حرمت صاحبها نور البصيرة، قيل لبعض السلف: ( أيجد لذة الطاعة من

عصى؟ ) قال: ( ولا مَنْ هَمَّ ).
فأعظم عقوبات المعاصي حرمان لذة الطاعات وإن غفل عنها المرء لقلة بصيرته

وضعف إيمانه أو لفساد قلبه , قال ابن الجوزي : “قال بعض أحبار بني إسرائيل : يا

 

 

رب كم أعصيك ولا تعاقبني ؟ فقيل له : كم أعاقبك وأنت لا تدري، أليس قد حرمتك حلاوة مناجاتي؟.
قال الشاعر :

تعصي الإله وأنت تظهر حبه * * * هذا محال في القياس بديـع
لو كان حبك صادقا لأطعتـه * * * إن المحب لمن يحب مطيـع
في كل يوم يبتديك بنعمــة * * * منه وأنت لشكر ذلك مضيع

قال “ابن الجوزي” ـ رحمه الله ـ : ( من تأمل ذل إخوة يوسف عليه السلام يوم

قالوا : {تصدق علينا} .. عرف شؤم الزلل ، وذلك رغم توبتهم ، لأنه ليس من رقع

وخاط كمن ثوبه صحيح . فرب عظم هيَّنٍ لم ينجبر ، فإن جبر فعلى وَهَنٍ ) راجع :

صيد الخاطر لابن الجوزي : ص 124 .
قال أبو سليمان الدارني يقول ليس العجب ممن لم يجد لذة الطاعة إنما العجب ممن وجد لذتها ثم تركها كيف صبر عنها . حلية الأولياء 9/262.
قال الشاعر :

رأيتُ الذنوب تُميتُ القلوب * * * وقد يُورِثُ الذُلُّ إدمانُها
وتركُ الذنوبِ حياةُ القلوب * * * وخيرٌ لنفسكَ عِصيانُها

قال رجل لإبراهيم بن أدهم رحمه الله : إني لا أقدر على قيام الليل فصف لي

دواء؟!! فقال : لا تعصه بالنهار وهو يقيمك بين يديه في الليل ، فإن وقوفك بين يديه

في الليل من أعظم الشرف، والعاصي لا يستحق ذلك الشرف . قال سفيان الثوري رحمه الله : حرمت قيام الليل خمسة أشهر بسبب ذنب أذنبته .
وقال رجل للحسن البصري رحمه الله : يا أبا سعيد : إني أبيت معافى وأحب قيام الليل ، وأعد طهوري فما بالي لا أقوم ؟!! فقال الحسن : ذنوبك قيدتك !!.
وقال رجل للحسن البصري : أعياني قيام الليل ؟!! فقال : قيدتك خطاياك .
وقال أبو الدرداء : إن العبد ليخلو بمعصية الله تعالى ، فيلقي الله بغضه في قلوب المؤمنين من حيث لا يشعر.
وقد لخص الإمام “ابن القيم” في كتاب الفوائد آثار المعاصي تلخيصاً جميلاً ، حيث قال ـ معدداً آثار المعاصي : ( قلة التوفيق ، وفساد الرأي ، وخفاء الحق ، وفساد القلب ، وخمول الذكر ، وإضاعة الوقت ، ونَفْرة الخَلق ، والوحشة بين العبد وربه ، ومنع إجابة الدعاء ، وقسوة القلب ، ومحق البركة في الرزق والعمر ، وحرمان العلم ، ولباس الذل ، وإهانة العدو ، وضيق الصدر والابتلاء بقرناء السوء الذين يفسدون القلب ، ويضيعون الوقت ، وطول الهم والغم ، وضنك المعيشة ، وكسف البال .. تتولد من المعصية والغفلة عن ذكر الله ، كما يتولد الزرع عن الماء والإحراق عن النار .وأضداد هذه تتولد عن الطاعة )([ كتاب الفوائد لابن القيم : ص 43]) .
يقول محمود الوراق:

هاكّ الدَّليل لمن أراد * * * غنىً يدوم بغير مال
وأراد عزَّاً لم توطِّـ* * * ـده العشائر بالقتال
ومهابةً من غير سلـ * * * ـانٍ وجاهاً في الرِّجال
فليعتصم بدخوله في * * * عزِّ طاعة ذي الجلال
وخروجه من ذلة الـ * * * ـعاصي له في كلِّ حال

إن لذة الطاعة لا تعادلها لذة وحلاوة الإيمان لا تعادلها حلاوة وعز الطاعة لا يعادله عز . كما أن مرارة المعصية لا تعادلها مرارة وشؤم الذنب لا يعادله شؤم. وذل المعصية لا يعادله ذل.
وقال ثابت البناني: كابدت الصلاة عشرين سنة وتنعمت بها عشرين سنة.
وقال بعضهم: سقت نفسي إلى الله وهي تبكي، فمازلت أسوقها حتى انساقت إليه وهي تضحك.
جاء في الإسرائيليات : أنّ رجلاً تزوّج امرأة من بلدة ، وكان بينهما مسيرة شهر ، فأرسل إلى غلام له من تلك البلدة ليحملها إليه فسار بها يوماً ، فلما جنّه الليل أتاه الشيطان فقال له : إنّ بينك وبين زوجها مسيرة شهر فلو تمتعت بها ليالي هذا الشهر إلى أن تصل إلى زوجها ، فإنها لا تكره ذلك وتثني عليك عند سيدك فتكون أحظى لك عنده ، فقام الغلام يصلي فقال : يا رب ، إنّ عدوك هذا جاءني فسوّل لي معصيتك ، وإنه لا طاقة لي به في مدة شهر وأنا أستعيذك عليه يا رب فأعذني عليه ، واكفني مؤونته ، فلم تزل نفسه تراوده ليلته أجمع وهو يجاهدها حتى أسحر فشّد على دابة المرأة وحملها وسار بها ، قال : فرحمه اللّه تعالى ، فطوى له مسيرة شهر فما برق الفجر حتى أشرف على مدينة مولاه ، قال : وشكر اللّه تعالى له هربه إليه من معصيته فنبأه ، فكان نبيّاً من أنبياء بني إسرائيل . قوت القلوب 2/335.
فإذا أردت تحصيل حلاوة الإيمان فعليك بمجاهدة نفسك ضد وساوسها ووساوس الشيطان .

2- الصلاة والإكثار من النوافل :
قال تعالى : ” وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ (114) وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (115) سورة هود .
فالصلاة مصدر للسعادة والسكينة ومعاينة حلاوة الإيمان ولذة الطاعة ,فإن فيها صلة وقربا من الله تعالى وفيها من الفوائد الدنيوية والأخروية ما لا يعد ولا يحصى , فالصلاة باب لتيسير الامور وتفريج الكروب ودفع البلاء , وفيها تكفير الخطايا والذنوب، قال تعالى: وَأَقِمِ الصلاةَ طَرَفَىِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِّنَ الَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيّئَاتِ ذالِكَ ذِكْرَى لِلذكِرِينَ [هود: 114]، وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعتُ رسول الله يقول: أرأيتُم لو أنّ نهرًا بباب أحدِكم يغتسِل منه كلَّ يومٍ خمسَ مرّات، هل يبقى من درنِه شيء؟ قالوا: لا يبقى من درنِه شيء، قال: فذلك مثَل الصلوات الخمس، يمحو الله بهنّ الخطايا.
والصلاةُ بابٌ للرزق، قال تعالى: وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لاَ نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَّحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى [طه:132].
والصلاةَ أوّل شروط النصرِ والتمكين، قال تعالى: ” الَّذِينَ إِنْ مَّكَّنَّاهُمْ في الأرْضِ أَقَامُواْ الصلاةَ وَاتَوُاْ الزكاةَ وَأَمَرُواْ بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْاْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأمُورِ” [الحج:41].
وإن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، فتطهِّر القلوبَ من درن الذنوب والمعاصي، ” إِنَّ الصلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنْكَرِ ” [العنكبوت:45].
والصلاة هي المفزَع عند الجزَع، وإليها الهرَب عند الهلَع واللجوء عند الخوف قال تعالى” ياأَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ اسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصلاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ” [البقرة:153]؛ لذا كانت قرَّة عين النبيِّ ، فإذا حَزَبه أمرٌ أو نزل به كرب فزع إلى الصّلاة.
والصلاة راحة النفس وطمأنينة القلب ؛ ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: “وجُعِلَتْ قرة عيني في الصلاة”. البخاري رقم 1969 و1970، ومسلم برقم 1156.
وكان يقول : “يا بلال أرحنا بالصلاة” . الترمذي برقم 745، والنسائي 4/202 وغيرهما.
وعَنْ زِيَادِ بْنِ عِلاَقَةَ ، سَمِعَ الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ يَقُولُ:قَامَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم حَتَّى وَرِمَتْ قَدَمَاهُ ، قَالُوا : قَدْ غَفَرَ اللهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ ، قَالَ : أَفَلاَ أَكُونُ عَبْدًا شَكُورًا. أخرجه “أحمد” 4/251(18384) و”البُخَارِي” 2/63(1130) و”مسلم”8/141(7226).
وعَنْ عَبْدِ اللهِ بن مسعود رضي الله عنه ، قَالَ:صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لَيْلَةً ، فَلَمْ يَزَلْ قَائِمًا ، حَتَّى هَمَمْتُ بِأَمْرِ سَوْءٍ . قُلْنَا : وَمَاهَمَمْتَ ؟ قَالَ : هَمَمْتُ أَنْ أَقْعُدَ وَأَذَرَ النَبِيَّ صلى الله عليه وسلم.أخرجه أحمد 1/385(3646) و”البُخَارِي” 2/64(1135) و”مسلم” 2/186(1765).
وعَنْ حُذَيْفَةَ ، قَالَ:صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ذَاتَ لَيْلَةٍ ، فَافْتَتَحَ الْبَقَرَةَ. فَقُلْتُ : يَرْكَعُ عِنْدَ الْمِئَةِ ، ثُمَّ مَضَى. فَقُلْتُ : يُصَلِّي بِهَا فِي رَكْعَةٍ ، فَمَضَى. فَقُلْتُ : يَرْكَعُ بِهَا ، ثُمَّ افْتَتَحَ النِّسَاءَ فَقَرَأَهَا ، ثُمَّ افْتَتَحَ آلَ عِمْرَانَ فَقَرَأَهَا ، يَقْرَأُ مُتَرَسِّلاً ، إِذَا مَرَّ بِآيَةٍ فِيهَا تَسْبِيحٌ سَبَّحَ ، وَإِذَا مَرَّ بِسُؤَالٍ سَأَلَ ، وَإِذَا مَرَّ بِتَعَوُّذٍ تعَوَّذَ ، ثُمَّ رَكَعَ ، فَجَعَلَ يَقُولُ : سُبْحَانَ رَبِّي الْعَظِيمِ ، فَكَانَ رُكُوعُهُ نَحْوًا مِنْ قِيَامِهِ ، ثُمَّ قَالَ : سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ ، ثُمَّ قَامَ طَوِيلاً ، قَرِيبًا مِمَّا رَكَعَ ، ثُمَّ سَجَدَ ، فَقَالَ : سُبْحَانَ رَبِّيَ الأَعْلَى ، فَكانَ سُجُودُه قَرِيبًا مِنْ قِيَامِهِ. أخرجه أحمد 5/382(23629) و”الدارِمِي” 1306 و”مسلم” 2/186(1764).
قال ابن رواحة :

وفينـا رسول الله يتـلو كتابه * * * إذا انشق معروف من الفجر ساطع
أرانا الهدى بعد العمى فقلوبنا * * * به موقنـات أن ما قـال واقع
يبيت يجافي جنبه عن فراشه * * * إذا استثقلت بالمشركين المضاجع

ولقد كان صلى الله عليه وسلم يكثر من صلاة النافلة تقربا لله رب العالمين ومحبة له وطلباً لمرضاته , وحتى ينال الولاية والهداية , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : إِنَّ اللَّهَ قَالَ مَنْ عَادَى لِى وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالْحَرْبِ ، وَمَا تَقَرَّبَ إِلَىَّ عَبْدِى بِشَىْءٍ أَحَبَّ إِلَىَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ ، وَمَا يَزَالُ عَبْدِى يَتَقَرَّبُ إِلَىَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ ، فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِى يَسْمَعُ بِهِ ، وَبَصَرَهُ الَّذِى يُبْصِرُ بِهِ ، وَيَدَهُ الَّتِى يَبْطُشُ بِهَا وَرِجْلَهُ الَّتِى يَمْشِى بِهَا ، وَإِنْ سَأَلَنِى لأُعْطِيَنَّهُ ، وَلَئِنِ اسْتَعَاذَنِى لأُعِيذَنَّهُ ، وَمَا تَرَدَّدْتُ عَنْ شَىْءٍ أَنَا فَاعِلُهُ تَرَدُّدِى عَنْ نَفْسِ الْمُؤْمِنِ ، يَكْرَهُ الْمَوْتَ وَأَنَا أَكْرَهُ مَسَاءَتَهُ.أخرجه البخاري 8/131(6502).
لذا نجده صلى الله عليه وسلم يصلي من الليل إحدى عشرة ركعة، وربما صلى ثلاث عشرة ركعة، وكان يصلي الرواتب اثنتي عشرة ركعة , وربما صلاها عشر ركعات. راجع : البخاري برقم 1147، 1172ومسلم برقم 729 , 737 .
وكان يصلي الضحى أربع ركعات ويزيد ما شاء الله . مسلم برقم 719.
وكان يطيل صلاة الليل فربما صلى ما يقرب من خمسة أجزاء في الركعة الواحدة. مسلم برقم 772.
فكان ورده من الصلاة كل يوم وليلة أكثر من أربعين ركعة منها الفرائض سبع عشر ركعة. كتاب الصلاة لابن القيم ص 140.
كما كان صلى الله عليه وسلم يكثر من النوافل الأخرى كالصوم والصدقة , فكان يصوم غير رمضان ثلاثة أيام من كل شهر. مسلم برقم 1160.
ويتحرَّى صيام الاثنين والخميس ، وكان يصوم شعبان إلا قليلاً، بل كان يصومه كله ، ورغَّب في صيام ست من شوال، وكان صلّى الله عليه وسلّم يصوم حتى يقال: لا يفطر، ويفطر حتى يقال: لا يصوم . البخاري برقم 1971، ومسلم 1156.
وكان يواصل الصيام اليومين والثلاثة وينهى عن الوصال، وبيَّن أنه صلّى الله عليه وسلّم ليس كأمته؛ فإنه يبيت عند ربه يطعمه ويسقيه مسلم برقم 1160.
وكان يكثر الصدقة، وكان أجود بالخير من الريح المرسلة حينما يلقاه جبريل عليه الصلاة والسلام . مسلم برقم 1164.
فكان يعطي عطاء من لا يخشى الفاقة؛ ولهذا أعطى رجلاً غنماً بين جبلين فرجع الرجل إلى قومه وقال: يا قومي أسلموا فإن محمداً يعطي عطاءً لا يخشى الفاقة .البخاري برقم 1971، ومسلم 1156.
وعلى هذا سار السلف الصالح رضوان الله عليهم فضربوا أروع الأمثلة في تحقيق حلاوة الإيمان سلوكاً ومعايشة وتطبيقا , ولعلنا سمعنا قصة عروة بن الزبير رضي الله عنه الذي أصيب ساقه بالسرطان، فقال الأطباء له: لا علاج لها إلا قطعُها، فماذا يفعل؟ إنه أمام القضاء والقضاء، قضاء الله، ولا حيلة إلا الصبر، وأراد الأطباء أن يعطوه شيئاً يخدرونه حتى لا يشعر بألم القطع، فقال عروة: والله لا أتعاطى شيئاً يغيب عقلي عن ذكر الله تبارك وتعالى. ثم قال لهم: إذا دخلت في الصلاة وجلست لقراءة التشهد فاقطعوا ساقي فإني عندما أكون بين يدي الله، لا يكون في قلبي إلا الله تبارك وتعالى. ودخل عروة الصلاة، وكانت صلاته من نماذج فريدة.راجع القصة بتمامها في : ( مختصر تاريخ دمشق 5/275).
وكان عبدالله بن مسعود رضي الله عنه إذا هدأت العيون وأرخى الليل سدوله، سمع له دويّ كدوي النحل وهو قائم يصلي.
وهذا عبد الله بن الزبير رضي الله تعالى عنهما وأرضاهما كان إذا قام في الصلاة كأنه عود من شدة الخشوع، وكان يسجد فتنزل العصافير على ظهره لا تحسبه إلا جذع حائط.
وعن جعفر بن زيد رحمه الله قال : خرجنا غزاة إلى [ كأبول ] وفي الجيش [ صلة بن أيشم العدوي ] رحمه ، قال : فترك الناس بعد العتمة ( أي بعد العشاء ) ثم اضطجع فالتمس غفلة الناس ، حتى إذا نام الجيش كله وثب صلة فدخل غيضة وهي الشجر الكثيف الملتف على بعضه ، فدخلت في أثره ، فتوضأ ثم قام يصلي فافتتح الصلاة ، وبينما هو يصلي إذا جاء أسد عظيم فدنا منه وهو يصلي !! ففزعت من زئير الأسد فصعدت إلى شجرة قريبة ، أما صلة فوالله ما التفت إلى الأسد !! ولا خاف من زئيره ولا بالى به !! ثم سجد صلة فاقترب الأسد منه فقلت : الآن يفترسه !! فأخذ الأسد يدور حوله ولم يصبه بأي سوء ، ثم لما فرغ صلة من صلاته وسلم ، التفت إلى الأسد وقال : أيها السبع اطلب رزقك في مكان آخر !! فولى الأسد وله زئير تتصدع منه الجبال !! فما زال صلة يصلي حتى إذا قرب الفجر !! جلس فحمد محامد لم أسمع بمثلها إلا ما شاء الله ، ثم قال : الله إني أسألك أن تجيرني من النار ، أو مثلي يجترئ أن يسألك الجنة !!! ثم رجع رحمه الله إلى فراشه ( أي ليوهم الجيش أنه ظل طوال الليل نائماً ) فأصبح وكأنه بات على الحشايا ( وهي الفرش الوثيرة الناعمة والمراد هنا أنه كان في غاية النشاط والحيوية ) ورجعت إلى فراشي فأصبحت وبي من الكسل والخمول شيء الله به عليم .
وكان العبد الصالح عمرو بن عتبة بن فرقد رحمه الله يخرج للغزو في سبيل الله ، فإذا جاء الليل صف قدميه يناجي ربه ويبكي بين يديه ، كان أهل الجيش الذين خرج معهم عمرو لا يكلفون أحداً من الجيش بالحراسة ؛ لأن عمرو قد كفاهم ذلك بصلاته طوال الليل ، وذات ليلة وبينما عمرو بن عتبة رحمه الله يصلي من الليل والجيش نائم ، إذ سمعوا زئير أسد مفزع ،فهربوا وبقي عمرو في مكانه يصلي وما قطع صلاته !! ولا التفت فيها !! فلما انصرف الأسد ذاهبا عنهم رجعوا لعمرو فقالوا له : أما خفت الأسد وأنت تصلي ؟!! فقال : إن لأستحي من الله أن أخاف شيئاً سواه !!.
وزار يوما محمد بن جحادة فأتاه في المسجد فوجده يصلي فقام قيس في الجانب الآخر يصلي دون أن يشعر به ابن جحادة .. فما زالا يصليان حتى طلع الفجر.
ودخلت إحدى النساء على زوجة الإمام الأوزاعي رحمه الله فرأت تلك المرأه بللاً في موضع سجود الأوزاعي ، فقالت لزوجة الأوزاعي : ثكلتك أمك !! أراك غفلت عن بعض الصبيان حتى بال في مسجد الشيخ ( أي مكان صلاته بالليل ) فقالت لها زوجة الأوزاعي : ويحك هذا يُصبح كل ليلة !! من أثر دموع الشيخ في سجوده .
وكان أبو مسلم الخولاني رحمه الله يصلي من الليل فإذا أصابه فتور أو كسل قال لنفسه : أيظن أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أن يسبقونا عليه ، والله لأزاحمنهم عليه ، حتى يعلموا أنهم خلفوا بعدهم رجالا !! ثم يصلي إلى الفجر .
وكان عبد العزيز بن أبي روّاد رحمه الله يُفرش له فراشه لينام عليه بالليل ، فكان يضع يده على الفراش فيتحسسه ثم يقول : ما ألينك ولكن!!! فراش الجنة ألين منك ثم يقوم إلى صلاته .
وقال بعض السلف: إني لأفرح بالليل حين يقبل لما يلتذ به عيشي، وتقر به عيني من مناجاة من أحب، وخلوتي بخدمته، والتذلل بين يديه، وأغتم للفجر إذا طلع لما اشتغل به.
وكان ثابت البناني يقول: ” اللهم إن كنت أعطيت أحدًا الصلاة في قبره فأعطني الصلاة في قبري”.
وقال سفيان الثوري: إني لأفرح بالليل إذا جاء، وإذا جاء النهار حزنت. راجع : علي نايف الشحود : موسوعة الخطب والدروس 24/243.
قال الشاعر :

غَلَبَ الشوقُ رَهْبَتي ، وصِرَاعٌ * * * في فُؤادِي يَغيبُ ثُمَّ يَعُودُ
كُلَّما لَجَّ في فُؤادِيَ شَوْقٌ * * * دَفَعَ الشَّوْقُ رَهْبَتي فَتَزيدُ
وإذا بالخُشُوعِ يَرْفَعُ أَشْوَا * * * قي فَتَصْفُو وتَرْتَقي فَتَجُودُ

ما هي علامات حلاوة الإيمان

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.

هل فكرت في هذا السؤال؟ :

أيها الأخوة الكرام, في طائفة كثيرة من أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم, تتحدث عن شيء اسمه: طعم الإيمان.

كلكم وأنا معكم: ذقنا طعم الطعام, وذقنا طعم الشراب, ومعظم الحاضرين متزوج, ذاق طعم الزواج, وهناك من يسافر, ويرى بلاد الله الواسعة, هناك من يستمتع بالمناظر الجميلة, هناك من يتسلم أرقى المناصب, هناك من يملك أكبر الأرصدة؛ المال له طعم, والسفر له طعم, والزواج له طعم, والطعام له طعم, والشراب له طعم, بقي: هل ذاق طعم الإيمان؟.

متى يذوق العبد حلاوة أو طعم الإيمان؟ :

عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال:

((قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: لا يجد أحد حلاوة الإيمان, -الإيمان له طعم حلو, الإيمان له حلاوة-, حتى يحب المرء لا يحبه إلا لله))

أن تحب إنساناً, ليس هناك بينك وبينه قرابة, ولا شراكة, ولا جوار, ولا مصلحة, ولا تعامل, ولا منفعة, ولا طمع, ولا خوف, لا تحبه إلا لله, فإذا أحببت إنساناً لوجه الله, لإيمانه, ولقربه من الله عز وجل, فقد ذقت طعم الإيمان.

من لوازم طعم الإيمان :

من لوازم هذا الطعم: أن الإنسان يكره أن يعود في الكفر, كما يكره أن يقذف في النار.

أحياناً: تجد إنسان على الحرف؛ لسبب تافه تافه يدع الصلاة, لسبب تافه لا يقيم شعائر الله, لسبب تافه لا يؤدي زكاة ماله, مثل هذا الإنسان على حرف, لذلك: لا يجد حلاوة الإيمان, إلا من كان في الأعماق. ما معنى في الأعماق؟

((يكره أن يعود إلى الكفر, كما يكره أن يلقى في النار))

يعني: ممكن إنسان –للتقريب-, ساكن في بيت ستين متر تحت الأرض, شمالي بدويلعة, وسياقات مكشوفة, انتقل إلى بيت أربعمئة متر بالمالكي؛ تدفئة مركزية, وتكييف مركزي, وأثاث بخمسة ملايين, نقول له: ارجع إلى البيت الأول مثلاً؟.

مثل قريب: راكب شبح, ارجع على الدراجة مثلاً؟ مستحيل.

((يكره أن يعود في الكفر, كما يكره أن يلقى في النار))

هذا الذي ذاق حلاوة الإيمان.

بماذا سمع العباس بن عبد المطلب من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ :

حديث آخر: عن العباس بن عبد المطلب, أنه سمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول:

((ذاق طعم الإيمان من رضي بالله رباً, وبالإسلام ديناً, وبمحمد رسولاً))

يعني: أنت قنعان بالإسلام, (رضيت بالله رباً): هل أنت راض عن قضائه وقدره؟.

يعني: واحد يطوف حول الكعبة, يقول:

((يا رب, هل أنت راض عني؟ يمشي خلفه الإمام الشافعي, قال: ما هذا؟ هل أنت راض عن الله حتى يرضى عنك؟ قال: يا سبحان الله, من أنت يرحمك الله!؟ قال: أنا محمد بن إدريس, قال: كيف أرضى عن الله, وأنا أتمنى رضاه ؟ -ما هذا الكلام؟- قال: إذا سرورك بالنقمة كسرورك بالنعمة, فقد رضيت عن الله))

أخواننا الكرام, لا يوجد إنسان على الرخاء لا يشكر, ولو …….

يقول لك: مفوضها, لكن إيمانك لا يظهر في الرخاء, يظهر في الشدة, يظهر حينما تأتي الأمر على خلاف ما تريد, فتقول: الحمد لله رب العالمين, يظهر حينما يفقد الإنسان عزيزاً, يقول: حسبي الله ونعم الوكيل, هنا البطولة.

((الصبر عند الصدمة الأولى))

[أخرجه البخاري ومسلم في صحيحهما, وأبو داود والترمذي والنسائي في سننهم]

لذلك:

((ذاق طعم الإيمان من رضي بالله رباً, وبالإسلام ديناً, وبمحمد -صلى الله عليه وسلم – رسولاً))

[أخرجه مسلم في الصحيح, والترمذي في سننه عن العباس بن عبد المطلب]

حقيقة ينبغي أن تضمها إلى عقيدتك :

الحقيقة: اسمحوا لي هذا المثل:

إذا أنت لم تأكل فواكه من شهرين, ولا ذقتها؛ البطيخ, المشمش, التفاح, الكمثرى مثلاً, الدراق, هذه الفواكه الطيبة, ذات الطعم الرائع, إذا نظرت إلى لوحة فواكه رسم, تأملت بها جيداً, هل ذقت طعم الفاكهة؟ مهما تأملت في هذه اللوحة الزيتية, مهما أمعنت النظر, أن تنظر إلى شيء شيء, وأن تذوقه شيء آخر.

الإسلام على كل لسان, نحن مسلمون والحمد لله, لكن هل ذقت طعم الإيمان؟ الذي يشدك إلى الدين, ليست الأفكار المنطقية, طعم الإيمان الذي تذوقه.

أحياناً الإنسان: يجد محل متر ونصف, يعني قميء المحل, لا يوجد فيه أي شيء مريح, تجد صاحبه يجلس فيه من الساعة الثامنة للساعة الثامنة في الليل, معناها في غلة بمئة ألف, معناها ذقت طعم الغلة, لحتى ساكن في هذا المحل, المحل لا يعجب, أما الغلة الكبيرة تزخ التعب, نقول: هذا ذاق طعم الإيمان.

أنا رأيت مرة إنساناً, في أيام الشتاء القارسة, والمطر ينهمر, يركض في العدوي؛ هذا ذاق طعم الرياضة, ذاق طعم النشاط, طعم الخفة, الرشاقة, طعم شعوره أنه هو شاب, يحتاج إلى جري باستمرار.

إليكم هذا الجواب لهذا السؤال :

فنحن قلنا أول الدرس: شخص ذاق طعم الطعام, والشراب, والزواج, والسفر, والولائم, والمناصب, هل ذاق طعم الإيمان؟.

عن أنس بن مالك قال:

((قال عليه الصلاة والسلام: ثلاث من كن فيه, وجد بهن حلاوة الإيمان وطعمه -حلاوته وطعمه-: أن يكون الله عز وجل ورسوله أحب إليه مما سواهما))

كيف؟:

﴿قُلْ إِنْ كَانَ آَبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ﴾

[سورة التوبة الآية:24]

ساكن في بيت فخم, أجرته مئة وخمس وعشرون ليرة, ثمنه عشرون مليون, أجار قبل السبعين, شيء مريح جداً, لكن ليس لك هذا البيت, وهذه الأجرة فيها ظلم شديد جداً لصاحب البيت, فلأنك تحب الله ورسوله صلى الله عليه وسلم, تركت هذا البيت, وسكنت خارج دمشق, أنت ماذا فعلت الآن؟ آثرت الله ورسوله صلى الله عليه وسلم على مساكن ترضونها.

أنت بتجارة رائجة جداً, لكن البضاعة حرام بيعها, لم تكن تعرف, فلما عرفت, انسحبت من هذه الشركة, لا لأنها لا تربح, لأن أرباحها طائلة, ولكن فيها تعامل لا يرضي الله عز وجل, انسحبت وفتحت محلاً في آخر الدنيا, والدخل للعشر ………

إذا كنت تحب الله ورسوله صلى الله عليه وسلم, وآثرت الجنة على النار, تنسحب من هذا العمل الحرام, فلما الإنسان يؤاثر الدنيا على طاعة الله, يكون ……..:

﴿قُلْ إِنْ كَانَ آَبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ﴾

[سورة التوبة الآية:24]

له زوجة يحبها حباً جماً, لكن لا يوجد فيها جنس الدين, متفلتة, متبرجة, متعجرفة, لأنه يحبها, رضي بها على علاتها, آثر القرب منها على طاعة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم.

أمثلة :

أضرب لكم أمثلة:

((أن يكون الله عز وجل ورسوله أحب إليه مما سواهما, وأن يحب في الله))

الآن: إذا شخص -لا سمح الله-, صار في عنده خلل بجسمه, مرض عضال, يحتاج إلى زرع كلية, تكلف مليونين ونصف, وبيته ثمنه اثنان ونصف مليون, ماذا يفعل؟ يبيع البيت, ويذهب ليجري هذه العملية, ما معنى ذلك؟ أن حياته أغلى عليه من بيته, لذلك: باع البيت.

أكثركم يعمل في التجارة, لما الإنسان يدفع ثمن قميص سبعمئة ليرة, لماذا اشترى هذا القميص؟ لانهراء القميص أغلى من سبعمئة ليرة, لم يدفع السبعمئة ليرة, إلا حينما أيقن أن البضاعة أغلى, والبائع كيف يبيع القميص؟ رأى السبعمئة أغلى من القميص فباعه, فلذلك: الإنسان لما يبيع ويشتري, دائماً يأخذ الأثمن, إذاً: ذاق طعم الإيمان.

من علامات حلاوة الإيمان :

((وثلاث من كن فيه, وجد بهن حلاوة الإيمان وطعمه: أن يكون الله عز وجل ورسوله أحب إليه مما سواهما, وأن يحب في الله, وأن يبغض في الله, وأن توقد نار عظيمة فيقع فيها, أحب إليه من أن يعود في الكفر))

((أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما, وأن لا يحب المرء إلا في الله, وأن لا يبغض إلا في الله, وأن يكره أن يعود في الكفر, كما يكره أن يلقى في النار))

هذه من علامات الذي ينبغي أن يذوق طعم الإيمان.

ما هما الثلاثة الذين إذا فعلهم العبد يذوق طعم الإيمان؟ :

قال عليه الصلاة والسلام:

((ثلاث من فعلهن فقد طَعِم طعم الإيمان؛ من عبد الله وحده , وعلم أنه لا إله إلا الله, وأعطى زكاة ماله طيبة بها نفسه))

[أخرجه أبو داود في سننه]

عبد الله وحده, وأيقن أنه لا إله إلا الله, وأعطى زكاة ماله طيبة بها نفسه, فقد طَعِم طعم الإيمان.

ماذا تستنتج من هذه القصة؟ :

في صحابي جليل, اسمه: أبو طلحة -الآن سأوريكم طعم الإيمان-: تزوج أبو طلحة أم سليم, وهي أم أنس والبراء, فولدت له ابناً, كان يحبه حباً شديداً, قال:

((فمرض الصبي مرضاً شديداً, فكان أبو طلحة يقوم صلاة الغداة, يتوضأ ويأتي النبي -صلى الله عليه وسلم- فيصلي معه, ويكون معه إلى قريب من نصف النهار, ويجيء يقيل –ينام بعد الظهر- ويأكل, فإذا صلى الظهر تهيأ وذهب, فلم يجىء إلا إلى صلاة العتمة –العشاء-, قال: فراح عشية –ذهب عشية-, ومات الصبي.

-في رجل في هذه البلدة, عنده معمل, له ابن يحبه حباً جماً, لما توفي ترك الصلاة, ونقم على الله عز وجل.

الآن: اسمعوا ماذا فعلت أم سليم, حينما مات ابنها؟-.

جاء أبو طلحة, قال: نسجت عليه ثوباً, –غطته بثوب وتركته-, قال, فقال لها أبو طلحة: يا أم سليم, كيف بات ابننا الليلة؟ قالت: يا أبا طلحة, ما كان ابنك منذ اشتكى أسكن منه الليلة,

–الحمد لله ولا حركة, يعني: مات, هي لم تكذب-,

قال: ثم جاءته بالطعام فأكل, وطابت نفسه –يظهر جائع, الأكل طيب, سر-, فقام إلى فراشه, فوضع رأسه, قالت: وقمت أنا, فمسست شيئاً من طيب –تعطرت-, ثم جئت حتى دخلت معه الفراش, فما هو إلا أن وجد ريح الطيب, كان منه ما يكون من الرجل إلى أهله,

–انظر الأدب في التعبير: هل رأيت أدباً كهذا الأدب؟-.

قال: ثم كان منه ما يكون من الرجل إلى أهله, ثم أصبح أبو طلحة يتهيأ, كما كان يتهيأ كل يوم, قالت, فقالت له: يا أبا طلحة, أرأيت لو أن رجلاً استودعك وديعة, فاستمتعت بها, ثم طلبها منك فأخذها, أتجزع من ذلك؟ قال: لا, قالت: فإن ابنك قد مات, –بعد ما تعشى ونام, وتزينت له, وكان منه ما يكون بين الرجل وامرأته, واستيقظ وصلى الفجر, وقالت: يا أبا طلحة, لو أن أحداً أعارك عارية استمتعت بها, ثم طلبها منك, أتجزع؟ قال: لا, قالت: فإن ابنك مات,

ما هذا العقل؟-.

قال أنس: فجزع عليه جزعاً شديداً, يبدو أنه يحبه حباً شديداً, وحدث رسول الله -صلى الله عليه وسلم-, بما كان من أمر أم طلحة في الطعام والطيب, وما كان منه إليها.

-يعني: معقول يا رسول الله, امرأة ابنها ميت, تعد لي أطيب الطعام, تتزين, تتعطر, يكون مني ما يكون بين المرء وزوجه, ثم تخبرني صباحاً: أنه مات!!-.

فقال عليه الصلاة والسلام: فبتما عروسين وهو إلى جنبكما؟ قال: نعم, -انظر أيضاً النبي الأدب, بتما عروسين وهو إلى جنبكما؟-, قال: نعم يا رسول الله, فقال عليه الصلاة والسلام: بارك الله لكما في ليلتكما.

قال: فحملت أم سليم تلك الليلة, قال: فولدت غلاماً, فحين أصبحنا, قال لي أبو طلحة: أحمله في خرقة حتى آتي به النبي -صلى الله عليه وسلم-, وأحمل معه تمر عجوة, قال: فحملته في خرقة, قال: ولم يحنَّك, ولم يذق طعاماً, ولا شيئاً, فقلت: يا رسول الله! ولدت أم سليم, قال: الله أكبر, ما ولدت؟ قلت: غلاماً, قال: الحمد لله, قال: هاته لي, فدفعته إليه, فحنكه النبي -صلى الله عليه وسلم- ثم قال له: معك تمر عجوة؟ قلت: نعم, فأخرجت تمرات, فأخذ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تمرة, وألقاها في فيه, فما زال النبي -عليه الصلاة والسلام- يلوكها, حتى اختلطت بريقه الشريف, ثم دفع النبي, فما هو إلا أن وجد الصبي حلاوة التمر, جعل يمص بعض حلاوة التمر, وريق رسول الله -صلى الله عليه وسلم-, فكان أول من فتح أمعاء ذلك الصبي على ريق رسول الله صلى الله عليه وسلم.

يروي المؤرخون: أن هذا الغلام الذي ولد لأبي طلحة وأم سليم, أنجب عشرة حفاظ قرآن))

((بارك الله لكما في ليلتكما))

هذه حلاوة الإيمان, يعني: لا تعتقد في مصيبة تفوق, أن يموت للأب ابن يحبه, ومع ذلك: مع حلاوة الإيمان, كانت هذه المصيبة مقبولة عند هذا الأب وتلك الأم.

هذا حال الناس في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وهذا حال الناس اليوم :

أيها الأخوة الكرام, الموضوع: أننا إذا اكتفينا من الدين, لأداء العبادات أداء شكلياً, ولم نلتزم أمر الله, ولم ننتبه عما عنه نهانا, نذوق طعم الإيمان, وإن لم نذق طعم الإيمان, عندئذ نتفلت من الدين شيئاً فشيئاً.

كيف الناس في عهد النبي دخلوا في دين الله أفواجا؟ والله اليوم حينما يخرجون من دين الله أفواجا؛ بسبب تفلتهم, وانغماسهم في المعاصي, وأكلهم المال الحرام, وانغماسهم في الملذات التي أرادها لنا الأجانب, أرادوها لنا, بحيث تفكك الأسرة, وتنهار الأخلاق, ونبتعد عن الله عز وجل, ويغدو ديننا اسماً بلا مسمى, وقرآننا وشعاراتنا جوفاء فارغة, عندئذ نحتاج أشد الحاجة إلى حلاوة الإيمان.

هذه حلاوة الإيمان جنب أحاديث, وأيدتها بقصة تبين عظم هذا الموضوع في السنة النبوية.

لماذا ينساق العبد وراء شهواته؟ :

أخواننا الكرام, أحياناً: أفكار الدين مقنعة, وقوية, وعميقة, ومعها أدلة, لكن صدقني: الطبيب أحياناً يدخن, الطبيب كيف يدخن؟ أيجهل مضار التدخين؟ لا والله, والله هو أعلم الناس بمضار التدخين, يحدثك ساعات طويلة عن أن الدخان يضيق الشرايين, ويملؤها بالكوليسترول, والدخان يسبب سرطان الرئة, والحنجرة, وقد يسبب النواة, وقد يعرض صاحبه لأزمة قلبية, يحدث ملياً عن مضار التدخين, والطبيب يدخن, لماذا؟ هل منعته قناعاته من الدخان؟ لا, لماذا انساق وراء شهوته؟ لأنه ما ذاق طعم الإيمان؛ لو ذاق طعم الإيمان لترك الدخان, لو ذاق طعم الإيمان لترك النظر إلى النساء, لو ذاق طعم الإيمان لترك المال الحرام.

قصة تكاد غريبة عن العقول لكنها مكررة ولكن لا نشعر :

حدثني أخ قصة, -نرويها بخمس دقائق-, كان في صعوبات بشراء الحديد, الخشب قديماً, -الآن الحمد لله, الأمور كلها فرجت-, فكان في مؤسسة اسمها مؤسسة عمران, هي تبيع الحديد, يبدو أن وجبة حديد كبيرة جاءت, والناس علموا ذلك, فانهالوا على المؤسسة ليشتروا الحديد, والطابور -إن صح التعبير- خمسون, ستون شخص يقفون, وكل واحد معه المبلغ المرسوم خمسمئة ألف, سبعمئة ألف, مئة وخمسون ألف, والكوِّة صغيرة, والناس مزدحمون, يخرج إنسان من هذه الغرفة, ويندفع نحو أحد الأشخاص, كم تريد من الحديد؟ قال له: مثلاً كذا طون, ثمنهم, قال له: هذا ثمنهم, أعطن هويتك, أعطاه, دخل للداخل, أعطن, رأى نفسه انتهى من الأزمة, انتظر, لم يخرج أحد؛ ربع ساعة, نصف ساعة, الخمسون كلهم دفعوا, وأخذوا إيصالات, هو لا يوجد, لا يوجد حركة, فوصل للكوة: أين فلان؟ من فلان؟ لا نعرف أحداً يا أخي, قال: أنا دفعت مئة وخمسين ألف, لمن دفعت؟ هذه الموظفون, هذه السجلات, اجمعهم لا يوجد مشكلة, لا يوجد هذا الاسم عندنا, حسناً: هذا المكان له باب ثان؟ طبعاً يوجد باب ثان.

شخص نصاب, ليس له علاقة بالدائرة إطلاقاً, بذكاء, طلع أخذ من شخص لهفان, محتار, أمامه خمسون شخص, أخذ منه مئة وخمسين ألف, وهويته, وهرب, يبدو أن الإنسان الفقير, قابل مدير العام, أكد له: ما عندنا هذا الاسم نحن, وما عندنا هذا الشخص, وهذه الملامح, ليس لنا علاقة فيها, قابل ثاني يوم, ثالث يوم, رابع يوم, بقي في الشام, -هو من إدلب-, بقي في الشام خمسة أيام, بعد ذلك: وجد ما في أمل, يعني كل شيء يملكه راحوا عليه, قال: حسبي الله ونعم الوكيل, ركب السيارة وتوجه إلى إدلب, ما إن طرق البيت, حتى صعق أهل البيت: ما الخبر؟ قال له: أنت!! ألست ميتاً!؟ اليوم ثالث يوم تعزية, لم يفهم ما القصة, لماذا أموت؟ نزلت للشام ورجعت الآن, وجد النعوة, ثالث يوم التعزية منتهية ودفنوه, أخذوا جثته, هذا الذي أخذهم, عمل حادث أليم, والله شوه له وجهه, وجدوا جثة يوجد معها هوية, ومئة وخمسين ألف, هوية, في إدلب, ذهبوا إلى إدلب سلموه لأهله, عملوا تعزية, وأقاموه.

هذا لو عرف في رب سيحاسبه, كان فعل هذا الشيء, أبداً, لا تحب أحد, حب ذاتك, في إله كبير, يحاسب حساب عسير؛ فأنت كلما كبر عقلك تستقيم, كلما كبر عقلك تصدق, كلما كبر عقلك تكون أمين.

قال عليه الصلاة والسلام:

((أرجحكم عقلاً أشدكم لله حباً))

ففي ألف قصة مثل هذه القصة, فلما الله عز وجل عاقبه عقاباً شديداً, لم يكن هو معه هوية, لم يكن معه هوية, معه هوية, المئة وخمسون ألف, والله شوه له وجهه تشويه كامل, حتى لم يعرفوا أن هذا الوجه ليس لهذه الهوية, سلموا أهله الجثة, والمئة وخمسين ألف, والهوية, والله عز وجل دمر هذا السارق, وهذه القصة هذه, هذه غريبة, لكنها تتكرر آلاف المرات دون أن نشعر.

فنحن نريد أن نذوق طعم الإيمان, كي نرضى بالله رباً, وبالإسلام ديناً, وبمحمد -صلى الله عليه وسلم- نبياً ورسولاً, والحمد لله رب العالمين.

بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.

اللهم أعطنا ولا تحرمنا, أكرمنا ولا تهنا, آثرنا ولا تؤثر علينا, أرضنا وارض عنا, وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم, الفاتحة.

والحمد لله رب العالمين

ثلاث خصال بها تجد حلاوة الإيمان

الرئيسية

إسلاميات

عبادات

 

والتآخي في الله والحب في الله من أعظم الأمور التي تقرب إلى الله وتنشر الود والمحبة بين الناس في المجتمع، ولهذه المحبة بين الناس المجرد من الغايات والمصالح فضل عظيم، عرفنا إياه الحبيب المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم عندما أخبرنا عن: “سبعة يظلّهم الله في ظله يوم لا ظل الا ظلّه”، وذكر منهم: “رجلان تحابا في الله، اجتمعا عليه وافترقا عليه”. وقال كذلك: “المتحابون في الله – تبارك وتعالى – في ظل العرش يوم لا ظل إلا ظله، يغبطهم بمكانهم النبيون والشهداء”.

والمحبة في الله تستلزم بعض الحقوق للمسلم وعليه، مثل رد الغيبة وقضاء الحاجات وحفظ السر، والنصح للخير، والبعد عن الحسد والفتنة والدعاء بظهر الغيب وتفقد أحواله.

 

 

 

 

 

 

حلاوة الإيمان وطعمه

بسم الله الرحمن الرحيم
حلاوة الإيمان كثيراَ ما أسمعه فما هي حلاوة الإيمان هذه؟ وهل حقيقة للإيمان طعم ولذة كما لوضع شهوة الحرام لذة مثلاً؟ فإذا كان كذلك فما هي علامات لذة الإيمان سواء كانت الظاهرية أم الباطنية؟

وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فحلاوة الإيمان حقيقة معنوية يجعلها الله في قلوب الصالحين من عباده.

قال الإمام النووي في شرحه لمسلم: قال العلماء: معنى حلاوة الإيمان استلذاذه الطاعات، وتحمله المشاق في رضى الله ورسوله، وإيثار ذلك على عرض الدنيا.

ولا ريب أن للإيمان لذة كما في الحديث: ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان، أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر كما يكره أن يقذف في النار. رواه البخاري ومسلم.

وفي الحديث: ذاق طعم الإيمان: من رضي بالله ربا، وبالإسلام ديناً، وبمحمد نبياً ورسولاً. رواه مسلم.

والذي يريد أن يذوق طعم الإيمان يحافظ على الفرائض ثم يكثر من النوافل والطاعات، كما في الحديث: ما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه، ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به….

فإذا اتصف العبد بهذه الصفات، وتقرب إلى الله تعالى بالطاعات فلا شك أنه سيجد حلاوة الإيمان، كما أخبر الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم.

ولذة الإيمان لا تشبه لذة الحرام، لأن لذة الإيمان لذة قلبية روحية. أما لذة الحرام فهي لذة شهوانية جسدية، ويعقبها من الآلام والحسرات أضعاف ما نال صاحبها من المتعة، ولله در من قال:

تفنى اللذاذة ممن نال صفوتها من الحرام ويبقى الإثم والعار

تبقى عواقب سوء من مغبتها لا خير في لذة من بعدها نار

كيف أجد حلاوة الإيمان؟

من إقبالها على الله والعناية بالعبادة وإحضار القلب فيها وتذكر عظمة الله وإحسانه وتذكر الجنة والنار والموت، كل هذا من أسباب وجود حلاوة الإيمان،

التلذذ بالمناجاة للرب، والتلذذ بالقراءة والدعاء عند استحضار عظمة الله، وعند استحضار ذهاب هذه الدنيا،

وأن العبد صائر إلى ما قدم من خير أو شر، عند استحضار الإنسان هذه الأمور وعند استحضاره عظمة.

الله وأن الله يطلع عليه ويراقبه يحصل لها ما يحصل من الخشوع.وللمزيد زورو موقعنا لحظات.

التالي
تفسير رؤيا حلم البيض في المنام لابن سيرين والنابلسي وابن شاهين
السابق
متى تظهر أعراض الحمل الأولى